قال الشريف المرتضى (رضي الله عنه) يقال له : أما هذا الخبر فكأنه موضوع ومرتب على مذهب أصحاب العدد ، لانه على ترتيب مذهبهم ، وقد احترس فيه من المطاعن واستعمل من الألفاظ ما لا يدخله الاحتمال والتأويل ، ولا حجة في هذا الخبر ولا في أمثاله على كل حال.
وقد بينا في مواضع كثيرة من كتبنا الخبر الواحد لا يوجب العلم ، ولا يقطع على صحته وان رواه العدول الثقات ، كان العلم به لا يجوز ، لأنا لا نأمن فيما نقدم عليه من الحكم الذي تضمنه أن يكون مفسدة ، ولا نقطع على أنه مصلحة ، والاقدام على مثل ذلك قبيح ، حتى ان من أصحابنا من يزيد على ذلك ويقول : ان أخبار الآحاد لا يجوز العمل بها ولا التعبد بأحكامها من طريق العقول.
وقد بينا في مواضع كثيرة أن المذهب الصحيح هو تجويز ورود العبادة بالعمل بأخبار الآحاد من طريق العقول ، لكن ذلك ما ورد ولا تعبدنا به ، فنحن لا نعمل بها ، لان التعبد بها مفقود وان كان جائزا.
فإن قيل : تجيزون العمل بها من طريق العقول وورود العبادة بذلك ، مع ما ذكرتموه من أنه لا يؤمن من الاقدام عليها أن يكون مفسدة ، لأن الذي يؤمن ذلك القطع على صدق روايتها ، ولا قطع الا مع العلم ، والظن لا قطع معه.
قلنا : إذا فرضنا ورود العبادة بالعمل بأخبار الآحاد ، آمنا أن يكون الاقدام عليها مفسدة ، لأنه لو كان مفسدة أو قبيحا لما وردت العبادة به من الحكيم تعالى بالعمل بها ، فصار دليلا على العمل بها ، يقطع معه أن العمل مصلحة وليس بمفسدة ، كما يقطع على ذلك مع العلم بصدق الراوي.
وإذا لم ترد العبادة بالعمل بأخبار الآحاد وجوزنا كذب الراوي ، فالتجويز لكون العمل بقوله مفسدة ثابتة ، ومع هذا التجويز لا يجوز الاقدام على الفعل ، لأنا لا نأمن من كونه مفسدة ، فصارت هذه الاخبار التي تروي في هذا الباب غير