متمكنا من العلم بصحة الشرعية وصدق الرسول صلىاللهعليهوآله. وكذلك لا بد من أن يكون عالما بما يبتني على صحة الرواية من التوحيد والعدل.
لكن هذه العلوم قد يكفيه منها المجمل دون التفصيل والشرح الطويل والتدقيق والتعميق.
وقد طعن قوم في صحة الاستفتاء ، فقالوا : العامي المستفتي لا يخلو من أن يكون عاميا في أصول الدين أيضا أو عالما بها. ولا يجوز أن يكون في الأصول مقلدا ، لان التقليد في الفروع انما جاز من حيث أمن هذا المقلد من كون ذلك قبيحا ، وانما يأمن منه لمعرفته بالأصول ، وأنها سوغت له الاستفتاء ، فقطع على صحة ذلك ، لتقدم علمه بالأصول الدالة عليه.
والأصول لا يمكن التقليد فيها على وجه يقطع على صحته ، ويؤمن من القبيح فيه ، لانه ليس ورائها ما يستدل الى ذلك (١) ، كما قلناه في الفروع. فلا بد من أن يكون عالما بصحة الأصول ، اما على جملة ، أو على تفصيل.
قالوا : ومن علم أصول الدين وميز الحق فيها من الباطل ، كيف لا يصح أن يعلم الفروع ، وهو أهون من الأصول.
وان كان هذا العامي ممن لا يتمكن من اصابة الحق في أصول ولا فروع ، فهو خارج من التكليف وجار مجرى البهائم ، ولا حاجة الى الفتيا ، فليس شيء بمحرم عليه ولا واجب.
وهذا الذي حكيناه غلط فاحش ، لان العامي في الفروع الذي يسوغ له الاستفتاء والعمل به ، لا بد أن يكون عالما على سبيل الجملة بالأصول ، حتى يكون ممن يقوم عليه الحجة بجواز الاستفتاء.
__________________
(١) خ ل : اليه و «ظ» : على.