ولو دعي الى ذلك ورتبه برسيكم (١) يوجب حصول العلم به ، على وجه لا يصح دخول الشبهة فيه ، كسائر ما دعي اليه من الفرائض ، وكحصول العلم بما رتبه كل منهم معشر المتكلمين ، ودعي اليه من العبادات عن الأدلة ، وفي عدم ذلك دليل على سقوط ما يوجبونه من النظر في طريق المعارف ، أو القول بأحد ما قدمناه مما هو ظاهر الفساد عندكم.
الجواب ، وبالله التوفيق :
اعلم أن من علمنا أنه كافر مستحق للعقاب الدائم ، فإنه لا يجوز مع المذهب الصحيح الذي نذهب إليه في فقد الحابط بين الثواب والعقاب ، أن يكون معه ايمان أو طاعة يستحق بها الثواب ، لأن الطاعة يستحق بها الثواب الدائم ، ولا يجتمع استحقاق الدائمين من ثواب وعقاب.
ومن جهل نبوة النبي صلىاللهعليهوآله كافر بلا شبهة ، فهو مستحق العقاب الدائم. فلو كان عارفا بالله تعالى وصفاته وعدله ، لكان قد اجتمع له استحقاق الدائمين من الثواب والعقاب مع فساد الحابط. وأجمعت الأمة على بطلان ذلك.
فعلمنا أن الذي يظهره ما في (٢) النبوة في المعرفة بالله تعالى سهو ونفاق ، أو هو معتقد لها تقليدا ، أو بغير ذلك. وليس يمكن أن يدعى أنا نعلم ضرورة كون أحدنا من غيره، وانما يصح أن يعلمه معتقدا.
وقد بينا في مواضع من كلامنا أنه لا يجوز أن يستدل على أن مخالفينا في النبوة عارفون بالله تعالى ، من حيث نظروا في أدلتنا ورسوها برسينا ، وانه لا
__________________
(١) الرسي : الثبوت والرسوخ ، ومنه قوله تعالى (أَيَّانَ مُرْساها).
(٢) ظ : نافى.