كثير من المواضع مع الجهل بها (١) ، مع اتفاق العلماء على أن الجهل لا يبيح سقوطه الا عمن لا يتمكن به.
فأما من هو متمكن من ذلك لكونه عاقلا ، فلا يعرض العلم يلزمه ويتسعه الحكم يتعلق عليه ، وأن جهله لو لا ذلك لكان الجهل سببا مبيحا لسقوط ما يلزم عليه من التكاليف العقلية والشرعية ، وهذا شيء لا يقوله مسلم.
الجواب :
اعلم أن الجهل ممن كلف العلم وله اليه طريق لا يكون إلا معصية وتفريط (٢) عن المكلف ، الا أن الحكم الشرعي غير ممتنع أن يتغير مع الجهل ، ولا يكون حاله مساوية لحالة مع العلم.
فإذا قال أصحابنا : من عقد نكاحا على امرأة وهو محرم فنكاحه باطل على كل حال. ثم قالوا : فان كان هذا العاقد عالما بتحريم العقد لم يحل له هذه المرأة المعقود عليها أبدا ، وان كان جاهلا بالتحريم بطل العقد وحلت له المرأة بعقد آخر صحيح. فلم يكن هذا القول منهم اقامة (٣) لعذر الجاهل العاصي بجهله بما وجب أن يعلمه بل ابانة لان حكمه عند هذا الجاهل العاصي في جهله متى عقد مع الحصول في الشريعة ، بخلاف حكم العاقد مع العلم. وان كان الجاهل عاصيا مفرطا. والعلم بالحكم كان لازما ، وهو الان أيضا له لازم، وانما دخلت الشبهة على من يظن أنه بالجهل يسقط عنه وجوب العلم ، وما كذلك قلنا.
__________________
(١) ظ : به.
(٢) ظ : وتفريطا من المكلف.
(٣) ظ : ابانة.