وأجمع الكافة على أنها شهور قمرية ، قالوا : فما الذي أجاز لكم الاعتبار بغير القمر، وهل انصرافكم الى العدد الا خلاف الإجماع.
ثم قال : الجواب يقال لهم : ما ورد به النص وتقرر عليه الإجماع ، فهو مسلم على كل حال ، لكن وجود الاتفاق على أن الهلال ميقات لا يحيل الاختلاف فيما يعرف به الميقات ، وحصول الموافقة على أنها شهور قمرية لا تضاد الممانعة في الاستدلال عليها بالرؤية.
إذ ليس من شرط المواقيت اختصاص العلم من جهة [من](١) مشاهدتها ولا لان الشهور العربية قمرية ، وجب الاستدلال أوائلها (٢) برؤية أهلتها. ولو كان ذلك واجبا لدلت العقول عليه وشهدت بقبح الاختلاف فيه.
وبعد فلا يخلو الطريق إلى معرفة هذا الميقات من أن تكون المشاهدة له والعيان ، أو العدد الدال عليه ، والحساب.
ومحال أن تكون الرؤية (٣) ، وهي أولى بالاستدلال لما يقع فيها من الاختلاف والشك، وذلك أن رؤية الهلال لو كانت تفيد معرفة له من الليالي والأيام ، لم يختلف فيه عند رؤيته اثنان.
وفي إمكان وجود الاختلاف في حال ظهوره ، دلالة على أن الرؤية لا يصح بها الاستدلال ، وأن العدد هو الدال على الميقات ، لسلامته مما يلحق الرؤية من الاختلاف.
يقال له : هذه الآية التي ذكرتها دليل واضح على صحة القول بالرؤية وبطلان العدد ، وقد بينا في صدر كتابنا هذا كيفية الاستدلال بها ، وأن تعليق المواقيت
__________________
(١) كذا في النسخة ، والظاهر زيادتها.
(٢) ظ : لاوائلها.
(٣) الظاهر زيادة الواو.