المذكورين في هذا الخبر من الاستدلال في أحكام الشرع بالقرآن والأثر ، وذلك أن الرسول أمرنا بالرجوع الى الكتاب عند التباس الاخبار وقال : ستكثر علي الكذابة من بعدي فما ورد من خبر فأعرض على الكتاب (١).
وكذلك وجوب الرجوع الذي تقدم ، وكذلك إذا تعذرت الرؤية ، وأمرنا بالوضوء بالماء وإذا فقدنا الماء فالتيمم بالتراب ، من عرض الاخبار على الكتاب والأخذ بما يوافقه دون ما يخالفه.
والجواب أن يقال له : ليس في هذا الموضع الذي هو الأمر بعرض الاخبار تنزيل أمرنا به ، فتصير الى حالة بعد حالة واعتبار أمر من الأمور ، بشرط إمكانه إذا تعذر بالرجوع الى غيره ، وانا أمرنا بعرض الاخبار على الكتاب ، لان الكتاب أصل ودليل على كل حال وحجة في كل موضع ، والاخبار ليست كذلك ، فعرضنا ما لم نعلم صحته منها على الكتاب الذي هو الدليل والحجة على كل حال وفي كل وقت.
وكذلك العقول دلالة على جميع الأحوال غير محتملة ، فرددنا كل مشتبه من آيات وغيرها إلى أدلة العقول لأنها أصل ، فما هاهنا انتقال من منزله إلى أخرى ، ولا أحوال مرتبة بعضها على بعض ، كالوضوء والتيمم والرؤية والعدد ، لان العدد مرتب على الرؤية ، وحكم الصيام تعلق بالرؤية.
وانما أمرنا بالمصير الى العدد عند فوت الرؤية ، وهذه أحكام كما ترى مرتبة بعضها على بعض. وكذلك القول في الوضوء والتيمم.
وليس من هذا شيء في عرض الاخبار على الكتاب والأخذ بما يوافق منها ، ولا الرجوع الى العقول في المتشابه ، فمن خلط بين الأمرين فهو قليل التأمل.
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٨ / ٧٨ ـ ٧٩ ما يدل على مضمون الخبر.