لانه دخل في الشورى تعرضا للوصول إلى الإمامة ، وقد علم أن تلك الجهة لا يستحق من مثلها التصرف في الإمامة ، ثم قبل اختيار المختارين له عند إفضاء الأمر اليه وأظهر أنه صار اماما باختيارهم وعقدهم. وهذا له معنى التولي من قبل الظالم بعينه للاشتراك في إظهار التوصل الى الأمر بما لا يستحق به ولا هو موجب لمثله.
لكنا نقول : ان التصرف في الإمامة كان اليه بحكم النص من رسول الله صلىاللهعليهوآله على (١) أمته ، فإذا دفع عن مقامه وظن أنه ربما توصل إلى الإمامة بأسباب وضعها الواضعون لا تكون الإمامة مستحقة بمثلها ، جاز بل وجب أن يدخل فيها ويتوصل بها (٢) حتى إذا وصل الى الإمامة ، كان تصرفه فيها بحكم النص لا بحكم هذه الأسباب العارضة. ويجري ذلك مجرى من غصب على وديعة وحيل بينه وبينها وأظهر غاصبها أنه يهبها لصاحبها ، فإنه يجوز لصاحب الوديعة أن يتقبل في الظاهر هذه الوديعة ويظهر أنه قبضها على جهة الهبة ، ويكون تصرفه حينئذ فيها بحكم الملك الأول لا عن جهة الهبة.
وعلى هذا الوجه يحمل تولى أمير المؤمنين لجلدة (٣) الوليد بن عقبة.
ولم يزل الصالحون والعلماء يتولون في أزمان مختلفة من قبل الظلمة لبعض الأسباب التي ذكرناها ، والتولي ، من قبل الظلمة إذا كان فيه ما يحسنه مما تقدم ذكره ، فهو على الظاهر من قبل الظالم ، وفي الباطن من قبل أئمة الحق ، لأنهم إذا أذنوا في هذه الولاية عند الشروط التي ذكرناها فتولاها بأمرهم فهو على الحقيقة وال من قبلهم ومتصرف بأمرهم.
__________________
(١) في المطبوع : عن.
(٢) في المطبوع : إليه.
(٣) في المطبوع : لجلد.