وأمّا الثالثة ، فظاهرة أيضا ، لما عرفت من أنّ المجاز ، هو استعمال اللفظ فيما لم يوضع له.
ولأنّ اللفظ ، إذا كان حقيقة في الاستغراق ، فصرفه إلى البعض بالقرينة ـ كيف ما كانت القرينة ـ إمّا أن يكون لدلالة اللفظ عليه حقيقة أو مجازا ، ويلزم من الأوّل الاشتراك بينه وبين الاستغراق ، ضرورة اختلاف معنييهما بالجزئيّة والكليّة ، وعدم اشتراكهما في معنى جامع يكون مدلولا للفظ ، والمشترك لا يكون ظاهرا بلفظه في بعض مدلولاته دون البعض ، وهو خلاف مذهب القائلين بالعموم.
لا يقال : جاز أن يكون حقيقة فيهما باعتبار أمر مشترك ، هو الجنسيّة فينتفي الاشتراك والمجاز ، ويدلّ على كونه حقيقة في الباقي ، أنّ اللفظ كان متناولا له حقيقة قبل التخصيص ، فخروج غيره عن عموم اللفظ لا يؤثّر فيه.
سلّمنا ، لكن يجوز كون اللّفظ المجرّد حقيقة في الاستغراق ، ومع القرينة حقيقة في البعض.
لأنّا نقول : الكلّ والبعض وان اتّحدا في الجنسيّة ، إلّا أنّ اللّفظ العامّ حقيقة في الكلّ ، من حيث هو كلّ ، لا في مطلق الجنس ، ولهذا تعذّر حمله على البعض إلّا لقرينة بإجماع القائلين بالعموم ، والاستغراق ليس ثابتا في الباقي.
ونمنع كون اللفظ حقيقة في الباقي قبل التخصيص ، نعم قد كان حقيقة في الجمع (١) الّذي هو أحد أفراده ، فلا يلزم كونه حقيقة فيه لا مع الاجتماع ولا
__________________
(١) في «ب» : في الجميع.