ولأنّ مراتب الظنّ غير منحصرة وإن كانت محدودة بطرفي العلم والشكّ ، لكن كلّما يفرض ظنّا يفرض ما هو دونه وفوقه ، فيكون ظنّا غالبا ، وما يفيد غلبة الظنّ ، قد يفيد العلم فلا بدّ من التعرض لنفيه.
وقيل (١) : «اللفظ الظاهر ما دلّ على معنى بالوضع الأصلي أو العرفي ، ويحتمل غيره احتمالا مرجوحا».
فقولنا : بالوضع الأصلي أو العرفي ، احتراز عن دلالته على المعنى الثاني ، إذا لم يصر عرفيّا ، كلفظ الأسد في الإنسان وغيره.
وقولنا : «يحتمل غيره ، احتراز عن القاطع الّذي لا يحتمل التأويل.
وقولنا : احتمالا مرجوحا ، احتراز عن الألفاظ المشتركة». (٢)
وفيه نظر ، لعدم اختصاص الظاهر بما دلّ بالأصل أو العرف ، بل كلّ لفظ يترجح معنى فيه فهو ظاهر بالنسبة إليه.
والتحقيق : أنّه من الأمور الإضافيّة يختلف باختلاف ما ينسب إليه ، وهو قد يضاف تارة إلى الأشخاص ، وتارة إلى المعاني ، والأخير هو المراد هنا ، وهو ما تترجّح دلالته على ما أضيف إليه ، فإن جعلناه جنسا للنصّ ، اقتصرنا عليه ، وإلّا أضيف إليه ترجيحا غير مانع من النقيض.
__________________
(١) القائل هو الآمدي في الإحكام.
(٢) الإحكام : ٣ / ٣٦.