الأوّل : لا دليل على وجوب مثل فعله علينا فيكون منفيّا.
وهو غلط ، فإنّه لا يلزم من نفي الدليل نفي المدلول.
الثاني : دليل اتّباعنا لأفعاله هو قوله تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)(١).
وقوله : (فَاتَّبِعُوهُ)(٢) وقد بيّنّا أنّ التأسّي [هو] إيقاع ما أوقعه على الوجه الّذي أوقعه ، واتّباعه إنّما هو مع اتّحاد الوجه.
اعترضه أبو الحسين : بأنّ دليل التأسّي والاتّباع اقتضى إيقاع ما أوقعه ، على الوجه الّذي أوقعه ، فمن أين ، أنّ ما لا يعلم الوجه فيه ، لا يجب علينا فعله؟
فإن قلتم : لعدم دليل على الاتّباع والتأسّي سوى الآيتين.
قلنا : فإذن الدالّ على عدم وجوب فعله علينا من غير اعتبار الوجه ، هو عدم الدليل ، وهذا هو الدليل الأوّل. (٣)
الثالث : إمّا أن يجب مثل فعله علينا باعتبار الوجه ، وهو قولنا ، أو من غير اعتباره ، فيجب علينا ، وإن علمنا أنّه أوقعه على وجه الندب ، وهو باطل بالإجماع وبدليل التأسّي.
اعترضه أبو الحسين : بتجويز أن تكون مصلحتنا أن نفعل مثل فعله ، إذا لم نعلم الوجه ، وإذا عرفنا أنّه أوقعه لا على وجه الوجوب ، كان فعلنا له واجبا
__________________
(١) الأحزاب : ٢١.
(٢) الأنعام : ١٥٣ و ١٥٥.
(٣) المعتمد : ١ / ٣٥١.