مفسدة ، ولهذا لو ورد التصريح بالتعبّد بذلك شاع.
لا يقال : إذا كنّا لو عرفنا أنّه تنفّل به ، كان فعلنا لمثله واجبا مفسدة ، فيجب إذا فعلناه على وجه الوجوب ، ونحن لا نعلم الوجه الّذي أوقعه عليه أن نكون مقدمين على ما لا نأمن كونه مفسدة ، لتجويز كونه قد تنفّل به.
لأنّا نقول : إيقاعنا الفعل على وجه الوجوب ، إذا لم نعلم الوجه الّذي أوقعه هو المصلحة ، وإن أوقعه على جهة الندب ، وإذا علمنا ذلك من حاله ، فإيقاعنا له على وجه الوجوب مفسدة (١).
وفيه نظر ، فإنّ تجويز المصلحة لا يستلزم الوجوب ، وكيف يصحّ الجزم بكونه مصلحة مع تجويز المخالفة الّتي هي مفسدة.
الرابع : لو دلّ فعله على وجوب مثله علينا ، لدلّ عليه مطلقا ، من غير اعتبار وقت ، لعدم إمكان ان يدلّ على وجوب مثله في ذلك الوقت بعينه ، لتعذّره ، ولا يمكن أن يدلّ على وجوب مثله في مثل ذلك الوقت ، لأنّه ليس بأن يدلّ على ذلك ، بأولى من أن يدلّ على وجوب مثله في أقرب الأوقات إليه.
فظهر أنّه لو دلّ على وجوب مثله ، لدلّ عليه مطلقا ، فيجب إذا فعل صلىاللهعليهوآلهوسلم فعلا ثمّ تركه ، وفعل ضدّه ، أن يدلّ فعله وفعل ضدّه على وجوبهما علينا في حالة واحدة ، وهو محال.
لا يقال : ينتقض بما إذا أمرنا صلىاللهعليهوآلهوسلم به ، وأمسك عن الأمر به ، فإنّه يستلزم أن يجب علينا الفعل وضدّه.
__________________
(١) المعتمد : ١ / ٣٥١ ـ ٣٥٢.