لا ينفك بوجه من تركيب ، وإنما ذكر هنا زوجين تنبيها أن الشىء وإن لم يكن له ضد ولا مثل فإنه لا ينفك من تركيب صورة ومادّة (١) وذلك زوجان. وقوله تعالى : (أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى)(٢) أى أنواعا متشابهة. وقوله : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ)(٣) أى أصناف. وقوله : (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً)(٤) أى فرقا ، وهم الذين فسّرهم بما بعد. وقوله : (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ)(٥) قيل : معناه : قرن كلّ شيعة بما (٦) شايعهم فى الجنة والنار. وقيل : قرنت الأرواح بأجسادها حسبما نبّه عليه فى أحد التّفسيرين : (ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ)(٧) أى صاحبك. وقيل : قرنت النفوس بأعمالها حسبما نبّه عليه قوله : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً)(٨). وقوله : (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ)(٩) أى قرنّاهم بهنّ ، ولم يرد فى القرآن زوّجناهم حورا / كما يقال : زوّجته امرأة ، تنبيها أنّ ذلك لا يكون على حسب المتعارف فيما بيننا من المناكحة.
__________________
(١) فى الراغب : «جوهر وعرض» والمادة هنا هى الجوهر ، والصورة هى العرض. وللفلاسفة فى الصورة اصطلاح آخر يجعلها من الجواهر.
(٢) الآية ٥٣ سورة طه
(٣) الآية ١٤٣ سورة الأنعام ، والآية ٦ سورة الزمر
(٤) الآية ٧ سورة الواقعة
(٥) الآية ٧ سورة التكوير
(٦) كذا فى الأصلين. ويصح استعمال (ما) فى العاقل اذا قصد الوصف. وفى الراغب : «بمن» وهو أولى
(٧) الآية ٢٨ سورة الفجر. وتفسير الرب بالصاحب خلاف المتبادر. وقد جاء فى تفسير ابن عباس بعد التفسير بالظاهر ، ففيه : «الى ربك : الى ما أعد الله لك فى الجنة. ويقال : الى سيدك يعنى الجسد»
(٨) الآية ٣٠ سورة آل عمران
(٩) الآية ٥٤ سورة الدخان ، والآية ٢٠ سورة الطور