والسّحر يقال على معان :
الأوّل : الخداع ، وتخييلات لا حقيقة لها ؛ نحو ما يفعله المشعوذ من صرف الأبصار عمّا يفعله بخفّة [يد](١) ، وما يفعله النمّام بقول مزخرف عائق للاستماع. وعلى ذلك قوله تعالى : (سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ)(٢) وقوله : (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى)(٣) ، وبهذا النّظر سمّوا موسى صلوات الله عليه ساحرا ، فقالوا : (يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ)(٤).
الثّانى : استجلاب معاونة الشيطان بضرب من / التّقرّب إليه ، كقوله تعالى : (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ)(٥) وعلى ذلك قوله تعالى : (وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ)(٦) قال الشاعر (٧) :
فو الله ما أدرى وإنّى لصادق |
|
أداء عرانى من جنابك أم سحر |
فإن كان سحرا فاعذرينى على الهوى |
|
وإن كان داء غيره فلك العذر |
الثالث : ما يذهب إليه الأغتام (٨) ، وهو اسم لفعل يزعمون أنّه من قوّته يغيّر الصّور والطبائع ، فيجعل الإنسان حمارا. ولا حقيقة لذلك عند المحصّلين (٩).
__________________
(١) زيادة من الراغب.
(٢) الآية ١١٦ سورة الأعراف.
(٣) الآية ٦٦ سورة طه.
(٤) الآية ٤٩ سورة الزخرف.
(٥) الآيتان ٢٢١ ، ٢٢٢ سورة الشعراء.
(٦) الآية ١٠٢ سورة البقرة.
(٧) هو أبو عطاء السندى. وقوله : «من جنابك» هى رواية فى البيت ، والمشهور : «من حبابك» وانظر اللسان (حبب).
(٨) الأغنام. الذين لا يفصحون ولا يبينون يقال : رجل أغتم ، وقوم غتم وأغتام.
(٩) فى الأصلين : «المخلصين».