وقوله تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها)(١) أى الألفاظ والمعانى ، مفرداتها ومركّباتها. وبيان ذلك أنّ الاسم يستعمل على ضربين :
أحدهما : بحسب الوضع الاصطلاحىّ ، وذلك هو فى المخبر عنه ، نحو : رجل ، وفرس.
والثانى : بحسب الوضع الأوّلىّ ، ويقال ذلك للأنواع الثلاثة : المخبر عنه ، والمخبر به ، والرّابط بينهما المسمّى بالحرف ، وهذا هو المراد بالآية ؛ لأنّ آدم عليهالسلام كما علّم الاسم علّم الفعل والحرف. ولا يعرف الإنسان الاسم فيكون عارفا مسمّاه إذا عرض عليه المسمّى إلّا إذا عرف ذاته ، ألا ترى أنّا لو علمنا أسامى أشياء بالهنديّة أو الرّوميّة لم نعرف صورة ما له تلك الأسماء المجرّدة ، بل كنّا عارفين بأصوات مجرّدة. / فثبت أنّ معرفة الأسماء لا تحصل إلّا بمعرفة المسمّى ، وحصول صورته فى الضمير. فإذا المراد بقوله : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) الأنواع الثلاثة من الكلام وصورة المسمّيات فى ذواتها.
وقوله : (ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها)(٢) معناه : أن الأسماء التى تذكرونها ليس لها مسمّيات ، وإنّما هى أسماء على غير مسمّى ، إذ كان حقيقة ما يعتقدون فى الأسماء بحسب تلك الأسماء غير موجود فيها
__________________
(١) الآية ٣١ سورة البقرة.
(٢) الآية ٤٠ سورة يوسف.