وقال بعضهم : الصّوم ضربان : حقيقىّ (١) وهو ترك المطعم والمنكح ؛ وصوم حكمىّ. وهو حفظ الجوارح من المعاصى ، كالسمع والبصر واللسان. والسّائح : الّذى يصوم هذا الصّوم دون الأوّل. وقيل : السّائحون : هم الّذين يتحرّون ما اقتضاه قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها)(٢).
والسّواد : ضدّ البياض. وقد اسودّ واسوادّ ، قال تعالى : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ)(٣). وابيضاض الوجوه عبارة عن المسرّة ، واسودادها عن المساءة. وحمل بعضهم كليهما على المحسوس ، والأوّل أولى ؛ لأنّ ذلك حالهم سودا كانوا أو بيضا ، (وعلى ذلك (٤)) قوله تعالى فى البياض : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ)(٥) ، وفى السّواد : (وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً)(٦) ، وعلى هذا النحو : «أمّتى الغرّ المحجّلون من آثار الوضوء يوم القيامة (٧)».
ويعبّر بالسّواد عن الشخص المترائى (٨) من بعد ، وعن الجماعة الكثيرة. [والسيّد : المتولّى للسواد ، أى الجماعة الكثيرة (٩)] ، وينسب إلى ذلك
__________________
(١) فى الأصلين : «حكمى» وما أثبت عن الراغب.
(٢) الآية ٤٦ سورة الحج.
(٣) الآية ١٠٦ سورة آل عمران.
(٤) فى الأصلين «دل» وما أثبت من الراغب.
(٥) الآية ٢٢ سورة القيامة.
(٦) الآية ٢٧ سورة يونس.
(٧) ورد هذا الحديث مع بعض اختلاف فى اللفظ فى رياض الصالحين فى (فضائل الوضوء) وقال : «متفق عليه» أى أخرجه البخارى ومسلم.
(٨) فى الراغب ، «المرئى».
(٩) ما بين القوسين زيادة من الراغب.