الرأس من الجسد. ولا إيمان لمن لا صبر له ، كما أنّه لا جسد لمن لا رأس له. قال عمر بن الخطّاب : خير عيش ما أدركناه بالصّبر. وفى الحديث : «الصّبر ضياء (١)». وفيه : «من يتصبّر يصبّره الله» (٢). وأمر بالصّبر عند المصيبة ، وأخبر أنه عند الصّدمة الأولى (٣) ، وأمر المصاب بأنفع الأمور له وهو الاحتساب (٤) ، فإنّ ذلك يخفّف مصيبته ويوفّر أجره. والجزع والسّخط والتشكّى (٥) يزيد المصيبة ، ويذهب الأجر.
والصّبر على ثلاثة أنواع : صبر على طاعة الله ، وصبر عن معصية الله ، وصبر على امتحان الله.
فالأولان : الصّبر على ما يتعلق بالكسب. والثالث : الصّبر على ما لا كسب للعبد فيه.
وقال بعض المشايخ : كان صبر يوسف عن طاعة امرأة العزيز أكمل من صبره على إلقاء إخوته إيّاه فى الجبّ ، وبيعهم [إيّاه] ، وتفريقهم بينه وبين أبيه ، فإنّ هذه أمور جرت عليه بغير اختياره ، لا كسب له فيها ، ليس للعبد فيها حيلة غير الصّبر. وأمّا صبره عن المعصية فصبر اختيار ورضا ،
__________________
(١) هو قطعة من حديث فى مسلم ، كما فى رياض الصالحين.
(٢) فى أ ، ب : «يصبر» وما أثبت من حديث متفق عليه أى فى الصحيحين ، نقله فى رياض الصالحين.
(٣) من حديث متفق عليه ، كما فى رياض الصالحين.
(٤) فى أ ، ب : «والاحتساب». وفى هامش ب : «الاحسان». والاحتساب أن يدخر ثواب ما قدم عند الله سبحانه.
(٥) فى ب : «التبكى» وذكر «التشكى» فى الهامش.