بكونه جاهلا بحال زيد ، وكذا إذا قال : واسنى ، فى ضمنه أنّه محتاج إلى المواساة. وإذا قال : لا تؤذنى ، ففى ضمنه أنّه يؤذيه.
والصّدق : مطابقة القول الضّمير والمخبر عنه معا. ومتى انخرم شرط من ذلك لا يكون صدقا [تامّا](١) ، بل إمّا ألّا يوصف بالصّدق ، وإمّا أن يوصف تارة بالصّدق وتارة بالكذب ، على نظرين مختلفين ؛ كقول الكافر من غير اعتقاد : محمّد رسول الله ، فإن هذا يصحّ أن يقال : صدق لكون المخبر عنه كذلك ، ويصح أن يقال : كذب لمخالفة قوله ضميره. وبالوجه الثانى إكذاب الله تعالى المنافقين حيث قالوا : إنّك لرسول الله فقال : (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ)(٢).
والصّدّيق : الرّجل الكثير الصّدق. وقيل : الصّدّيق : من لم يصدر منه الكذب أصلا. وقيل : من لا يتأتّى منه الكذب لتعوّده الصّدق. وقيل : من صدق بقوله واعتقاده ، وحقّق صدقه ، قال تعالى فى حقّ إبراهيم. (إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا)(٣) ، وقال : (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ)(٤) ، فالصّدّيقون : قوم دون الأنبياء فى الفضيلة ، ولكن درجتهم ثانى (٥) درجة النبيّين.
__________________
(١) زيادة من الراغب.
(٢) فى أول سورة المنافقين.
(٣) الآية ٤١ سورة مريم.
(٤) الآية ٦٩ سورة النساء.
(٥) كذا. والأولى «ثانية».