الإخلاص ، واستفراغ الوسع ، وبذل الطاقة ؛ فبذلك يكون العبد من الذين جاءوا بالصّدق. وبحسب كمال هذه الأمور فيه ، وقيامها به تكون صدّيقيّته ، ولذلك كان لأبى بكر الصّدّيق ذروة الصّدّيقيّة ، حتى سمّى الصّدّيق على الإطلاق. والصّدّيق أبلغ من الصّدوق ، والصّدوق أبلغ من الصّادق ، فأعلى مراتب الصدق مرتبة الصدّيقيّة ، وهى كمال الانقياد للرّسول ، مع كمال الإخلاص للمرسل.
وقد أمر سبحانه رسوله أن يسأله أن يجعل مدخله ومخرجه على الصّدق ، فقال : (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً)(١).
وأخبر عن خليله إبراهيم عليهالسلام أنّه سأله أن يجعل له لسان صدق فى الآخرين. وبشّر عباده أنّ لهم قدم صدق ، ومقعد صدق ؛ فقال : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ)(٢) ، وقال : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ)(٣). فهذه خمسة أشياء : مدخل الصّدق ، ومخرج الصدق ، ولسان الصّدق ، ومقعد الصّدق ، وقدم الصّدق. وحقيقة الصّدق فى هذه الأشياء هو الحقّ الثّابت المتّصل بالله ، الموصّل إلى الله ، وهو ما كان به وله من الأعمال والأقوال. وجزاء ذلك فى الدّنيا والآخرة.
__________________
(١) الآية ٨٠ سورة الاسراء.
(٢) الآية ٢ سورة يونس.
(٣) الآيتان ٥٤ ، ٥٥ سورة القمر.