(وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ)(١) إلى قوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ،) وهذا صريح فى أنّ الصّدق بالأعمال الظاهرة والباطنة ، وأنّ الصّدق هو مقام الإسلام والإيمان.
وقسّم سبحانه النّاس إلى صادق ومنافق ، فقال : (لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ)(٢).
والإيمان أساسه الصّدق ، والنفاق أساسه الكذب ، فلا يجتمع كذب وإيمان إلّا وأحدهما يحارب الآخر. وأخبر سبحانه أنّه فى القيامة لا ينفع العبد وينجيه من عذابه إلّا صدقه ، فقال تعالى : (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)(٣) ، وقال : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ)(٤) فالذى جاء بالصّدق هو من شأنه الصّدق فى قوله ، وعمله ، وحاله. فالصّدق فى الأقوال : استواء اللسان على الأقوال ؛ كاستواء السّنبلة على ساقها. والصّدق فى الأعمال : استواء الأفعال على الأمر والمتابعة ؛ كاستواء الرّأس على الجسد. والصّدق فى الأحوال : استواء أعمال القلب والجوارح على
__________________
(١) الآية ١٧٧ سورة البقرة.
(٢) الآية ٢٤ سورة الأحزاب.
(٣) الآية ١١٩ سورة المائدة.
(٤) الآيات ٣٣ ـ ٣٥ سورة الزمر.