فهو صدق غير كذب ، وحقّ غير باطل ، ودائم غير زائل ، ونافع غير ضارّ ، وما للباطل ومتعلقاته إليه سبيل ولا مدخل.
ومن علامات الصّدق طمأنينة القلب إليه ، ومن علامات الكذب حصول الرّيبة ؛ كما فى الترمذىّ مرفوعا : «الصّدق طمأنينة ، والكذب ريبة» ، وفى الصّحيحين : «إنّ الصّدق يهدى إلى البرّ ، وإنّ البرّ يهدى إلى الجنّة ، وإنّ الرّجل ليصدق حتى يكتب عند الله صدّيقا ، وإنّ الرّجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذّابا» ، فجعل الصّدق مفتاح الصّدّيقيّة ومبدأها ، وهى غايته ، فلا ينال درجتها كاذب البتّة ، لا فى قوله ، ولا فى عمله ، ولا فى حاله. ولا سيّما كاذب على الله فى أسمائه وصفاته ، بنفى ما أثبته لنفسه ، أو بإثبات ما نفاه عن نفسه ، فليس فى هؤلاء صدّيق أبدا. وكذلك الكذب عليه فى دينه ، وشرعه بتحليل ما حرّمه ، وتحريم ما أحلّه ، وإسقاط ما أوجبه ، وإيجاب ما أسقطه ، وكراهة ما أحبّه ، واستحباب ما لم يحبّه ، كلّ ذلك مناف للصّدّيقيّة. وكذلك الكذب معه فى الأعمال بالتّحلّى بحلية الصّادقين المخلصين ، الزاهدين المتوكّلين وليس منهم. وكانت الصّدّيقيّة كمال الإخلاص ، والانقياد والمتابعة فى كلّ الأمور ؛ حتى إنّ صدق المتبايعين يحلّ البركة فى بيعهما ، وكذبهما يمحى بركة بيعهما ؛ كما فى الصّحيحين : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : البيّعان بالخيار ما لم يتفرّقا ، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما بيعهما ، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما».