قالت حليمة فكان ثديي اليمين لرسول الله واليسار لولدي ضميرة وكان ولدي لا يشرب حتى يراه قد شرب.
قالت ولم أر قط ما يرى للأطفال طهارة ونظافة وإنما كان له وقت واحد ثم يعود إلى وقته من الغد.
وما كان شيء أبغض إليه من أن يرى جسده مكشوفا فكنت إذا كشفته يصيح حتى أستر عليه.
وروي عنها أنها قالت سمعته لما تمت له سنة يتكلم بكلام لم أسمع أحسن منه سمعته يقول قدوس قدوس نامت العيون والرحمن (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ).
ولقد ناولتني امرأة كف تمر من صدقة فناولته منه وهو ابن ثلاث سنين فرده علي وقال يا أمه لا تأكلي الصدقة فقد عظمت نعمتك وكثر خيرك فإني لا آكل الصدقة.
قالت فو الله ما قبلتها بعد ذلك من أحد من العالمين.
وكان بنو سعد يرون البركات بمقامه معهم وسكناه بينهم حتى أنهم كانوا إذا عرض لدوابهم بؤس أتوا بها إليه ليمسها بيده فيزول ما بها وتعود إلى أحسن حالها.
ولم يزل كذلك إلى أن ردته حليمة إلى أهله فاشتمل عليه جده عبد المطلب يحبوه التحف ويمنحه الطرف ويعد قريشا به ويخبرهم بما يكون من حاله إلى أن دنت وفاته فوضعه في حجر أبي طالب وأوصاه به وأمره بحياطته ورعايته وعرفه ما يكون من أمره.
ثم توفي عبد المطلب رضوان الله عليه في شهر ربيع الأول وللنبي صلى الله عليه وآله وسلم ثماني سنين من عمره فكفله أبو طالب أحسن كفالة ولم يكن له يومئذ ولد وكانت امرأته فاطمة بنت أسد بن هاشم المعروفة بسودة الفاضلة فتولت معه تربيته وأحسنا جميعا حياطته ورعايته واتخذاه لأنفسهما ولدا ولم يؤثرا عليه في المحبة ولدا وقد شغفا بواضح دلالته وذهلا من ظاهر حجته