ومن ذلك أن ناقة ضلت من صاحبها في بعض أسفاره فقال المنافقون لو كان نبيا لعلم أين الناقة فبلغه ذلك فقال الغيب لا يعلمه إلا الله انطلق يا فلان لصاحب الناقة فإن ناقتك بمكان كذا قد تعلق زمامها بالشجرة فوجدها كما قال صلى الله عليه وآله وسلم.
ومن ذلك أنه أقام عليهم السلام بتبوك فنفدت أزوادهم فأمرهم عليهم السلام فجمعوا ما بقي منها ثم أمر بأنطاع فبسطت وقال من كان عنده فضل زاد فليأتنا به فكان الرجل يأتي بالمد الدقيق والسويق والقليل من الخبز فيوضع كل صف على حدة فكان جميع ذلك قليلا ثم توضأ وصلى ودعا بالبركة فيه فكثر ذلك حتى فاض من الأنطاع ثم نادى الناس أن هلموا فأقبل الناس فحملوا من كل شيء حتى ملئوا كل جراب ومزود
ومن ذلك أنه نزل بالحديبية فإذا ببئرها لا ماء فيها فشكا الناس ذلك إليه صلى الله عليه وآله وسلم فأخرج سهما من كنانته فدفعه إلى البراء بن عازب فنزل في البئر فأقبل الماء من عيون البئر حتى ملئوا كل ما معهم وسقوا ركائبهم. (١)
ومن ذلك أنه كان في سفر فاستيقظ من نومه فقال مع من وضوء فقال أبو قتادة معي في ميضاة فأتاه به فتوضأ وفضلت في الميضاة فضله فقال عليهم السلام احتفظ بها يا أبا قتادة فسيكون لها شأن فلما حمى النهار واشتد العطش بالناس فابتدروا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقولون الماء الماء فدعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقدحه ثم قال هلم الميضاة يا أبا قتادة فأخذها ودعا فيها وقال اسكب فسكب في القدح وابتدر الناس الماء فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلكم يشرب إن شاء الله تعالى فكان أبو قتادة يسكب ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسقي حتى شرب الناس أجمعون ثم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأبي قتادة اشرب فقال لا بل اشرب أنت يا رسول الله فقال اشرب فإن ساقي القوم آخرهم يشرب فشرب أبو قتادة ثم شرب رسول الله وانتهى القوم رواء.
_________________
(١) تجد هذه المعجزة مفصلة في كتاب اعلام النبوّة صلى الله عليه وآله وسلم ٦٨.