وهذا مما يستدل به على صحيح إيمان أبي طالب بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم لما تضمنه قوله من إقراره بالله سبحانه واعترافه بآياته وبالمعجز الذي بان لنبيه وإخباره عنه بأنه صابر صادق متقي.
ومن ذلك أن امرأة سلام بن مسكين أتت بشاة قد سمتها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال ما هذا فقالت ألطفك بها وكان مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشر بن البراء بن المعرور فتناول النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الذراع وتناول بشر فأما النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنه لاكها ثم لفظها وقال إن هذه الذراع تكلمني وتزعم أنها مسمومة وأما بشر فلاك البضعة ليبلعها فمات منها فأرسل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المرأة فأقرت فقال ما دعاك إلى هذا قالت قتلت زوجي وأشراف قومي فقلت إن كان ملكا قتلته وإن كان نبيا فسيطلعه الله على ذلك. (١)
ومن ذلك أن صفوان بن أمية وعمرو بن وهب الجمحي قالا من لنا بمحمد فقال عمرو بن وهب لو لا دين علي لخرجت إلى محمد حتى أقتله فقال صفوان علي دينك ونفقة عيالك إن قتلته فخرج حتى قدم المدينة فدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال أنعم صباحا أبيت اللعن فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أبدلنا الله بها خيرا منها قال إن عهدك بها حديث قال أجل ثم أكرمنا الله بالنبوة ثم قال يا عمرو ما جاء بك قال ابني أسير عندكم قال لا ولكنك جلست مع صفوان ثم قص عليه الذي قال فقال عمرو والله ما حضرنا أحد وما أتاك بهذا إلا الذي يأتيك بأخبار السماء وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. (٢)
ومن ذلك أن المدينة أجدبت فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرفع يديه إلى السماء وقال :
اللهم إني سألتك فأعطيتني ودعوتك فأجبتني اللهم اسقنا غيثا مريا
_________________
(١) أشير إلى هذا في مناقب آل أبي طالب ج ١ صلى الله عليه وآله وسلم ٨١.
(٢) تجد هذا مختصرا في مناقب آل أبي طالب ج ١ صلى الله عليه وآله وسلم ١ ١ ٣.