هذا سيد العرب وديانها فأجله وأعظمه ثم قال لكاتبه سله ما حاجته فسأله فقال إن أصحاب الملك طردوا لي نعما فأمر بردها ثم أقبل على الترجمان فقال قل له عجبا لقوم سودوك ورأسوك عليهم حيث تسألني في عير لك وقد جئت لأهدم شرفك ومجدك ولو سألتني الرجوع عنه لفعلت.
فقال أيها الملك إن هذه العير لي وأنا ربها فسألتك إطلاقها وإن لهذه البنية ربا يدفع عنها.
قال فإني غاد لهدمها حتى أنظر ما ذا يفعل.
فلما انصرف عبد المطلب رحل أبرهة بجيشه فإذا هاتف يهتف في السحر الأكبر يا أهل مكة أتاكم أهل عكة بجحفل جرار يملأ الأندار ملء الجفار فعليهم لعنة الجبار (١) فأنشأ عبد المطلب يقول :
أيها الداعي لقد أسمعتني |
|
كلما قلت وما بي من صمم |
إن للبيت لربا مانعا |
|
من يرده بآثام يصطلم |
رامه تبع (٢) في أجناده |
|
حمير والحي من آل إرم (٣) |
هلكت بالبغي فيهم جرهم |
|
بعد طسم وجديس وجثم (٤) |
وكذاك الأمر فيمن جاده |
|
ليس أمر الله بالأمر الأمم (٥) |
_________________
(١) جفار جمع جفرة وهي سعة في الأرض مستديرة.
(٢) هو من ملوك اليمن
(٣) أي من آل عاد وعليه قوله تعالى :أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ.
(٤) جرهم وطسم وجديس وجثم هي قبائل عربية بائدة.
(٥) الأمم بالتحريك اليسير.