فقل لأنه سبحانه قد أوجب معرفته ولا سبيل إلى معرفته إلا بالنظر في الأدلة المؤدية إليها.
فإن قال فإذا كانت المعرفة بالله عزوجل لا تدرك إلا بالنظر فقد أصبح المقلد غير عارف بالله.
فقل هو ذاك.
فإن قال فيجب أن يكون جميع المقلدين في النار.
فقل إن العاقل المستطيع إذا أهمل النظر والاعتبار واقتصر على تقليد الناس فقد خالف الله تعالى وانصرف عن أمره ومراده ولم يكفه تقليده في أداء فرضه واستحق العقاب على مخالفته وتفريطه غير أنا نرجو العفو عمن قلد الحق والتفضل عليه ولا نرجوه لمن قلد المبطل ولا نعتقده فيه.
وكل مكلف يلزمه من النظر بحسب طاقته ونهاية إدراكه وفطنته.
فأما المقصر الضعيف الذي ليس له استنباط صحيح فإنه يجزيه التمسك في الجملة بظاهر ما عليه المسلمون.
فإن قال كيف يكون التقليد قبيحا من العقلاء المميزين وقد قلد الناس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما أخبر به عن رب العالمين ورضي بذلك عنهم ولم يكلفهم ما تدعون.
فقل معاذ الله أن نقول ذلك أو نذهب إليه ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يرض من الناس التقليد دون الاعتبار وما دعاهم إلا إلى الاستدلال ونبههم عليه بآيات القرآن من قوله سبحانه وتعالى :
(أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ). الاعراف : ١٨٥
وقوله :
_________________
(١) في النسخة (والتفضيل).