من المستحيل إثبات فاعل لم (١) يزل فاعلا وليس بمنكر ولا مستحيل إثبات فاعل لا يزال فاعلا وبينوا أن نفي التناهي والابتداء عن الأفعال من قبل أولها يخرجها من أن تكون أفعالا وليس نفي التناهي عنها من قبل آخرها يخرجها من أن تكون أفعالا.
وذكروا أن نعيم أهل الجنة وعقاب أهل النار دائمان لا انقطاع لهما ولا آخر ولم يؤد ذلك إلى المحال والفساد ما أدى إليه نفي التناهي عن الأفعال من قبل أولها.
وقالوا ليس بمنكر أن يدخل داخل دارا بعد دار أبدا بغير انقطاع.
ومن المستحيل المنكر أن يدخل دارا قبل دار أبدا بلا أول.
وقد استقصينا نحن هذا الكلام في مواضع كثيرة من كتبنا وذكرناه في الملخص (٢) وغيره من أجوبة المسائل والنقوض على المخالفين.
وأما ما تضمنه السؤال من أن هذا يدل على أن الصنعة والصانع قديمان لم يزالا فمناقضة ظاهرة لأن وصف المتصف بالقدم ينقض كونه صفة كما أن وصف القديم بأنه مصنوع ينقض كونه قديما.
وهل هذا إلا تصريح بأن المحدث قديم والقديم محدث ولا خفاء بفساد ذلك.
وهل آخر الجواب الوارد إلي من حضرة السيد الشريف المرتضى رضي الله عنه عن هذه الشبهة.
وجميع ما تضمنه من إطلاق القول بأن بين القديم وأول المحدثات أوقات لا
_________________
(١) ويفهم من هذه العبارة أن كون الفاعل مرتبطا بما يصدر عنه من أفعال ، فإذا كان الفاعل فاعلا منذ الأزل كانت أفعاله منذ الابتداء قديمة معه وتخرج عن كونها أفعالا محدثة ، لذلك يستحيل كونها قديمة وبالتالي استحالة أن يكون الفاعل لم يزل فاعلا. على خلاف اثبات فاعل لا يزال فاعلا من حيث الآخر إلى غير نهاية فلا استحالة إذ لا يخرجها ذلك عن كونها أفعالا.
وهذا يتضح من قوله : وبينوا أن نفي التناهي إلخ.
(٢) هو كتاب للشريف المرتضى في الأصول ، ذكره الشيخ أبو جعفر الطوسيّ ، والنجاشيّ ، وابن شهر أشوب.