وقيل :
إن من عجائب الدنيا أنك تبكي على من تدفنه وتطرح التراب على وجه من تكرمه.
قال أبو نواس (١)
غر جهولا أمله |
|
يموت من جا أجله |
ومن دنا من يومه |
|
لم تغن عنه حيله |
وكيف يبقى آخر |
|
قد مات عنه أوله |
لا يصحب الإنسان من |
|
دنياه إلا عمله |
قال أبو ذؤيب (٢)
وإذا المنية أنشبت أظفارها |
|
ألفيت كل تميمة لا تنفع |
غيره :
ننافس في الدنيا ونحن نعيبها |
|
وقد حذرتناها لعمري خطوبها |
وما نحسب الساعات نقطع مدة |
|
على أنها فينا سريع دبيبها |
كأني برهطي يحملون جنازتي |
|
إلى حفرة يحثى علي كثيبها |
وباكية حرى تنوح وأنني |
|
على غفلة من صوتها لا أجيبها |
_________________
(١) هو أبو علي الحسن بن هاني بن عبد الأول بن الصباح الحكمي ، كان جده مولى الجراح بن عبد اللّه الحكمي والي خراسان ، ونسبه إلى مولاه المذكور ، ولد أبو نؤاس سنة ١ ٤١ ه وتوفي سنة ١ ٩٥ أو ١ ٩٧ أو ١ ٩٨ ه ، وهو من مشاهير الشعراء المجيدين وخاصّة في الخمريات والغزل. وهو معدود في شعراء الشيعة وله مدائح في أهل البيت عليهم السلام.
(٢) أبو ذؤيب هو خويلد بن خالد بن محرّث بن مخزوم ينتهي نسبه إلى نزار ، وقد أدرك الجاهلية والإسلام ، وعاش إلى أيّام عثمان بن عفان وخرج غازيا لأفريقية مع عبد اللّه بن أبي سرح ومات في مصر والبيت هو من قصيدة قالها في رثاء أولاده الخمسة الذين هلكوا في عام واحد ، وهي قصيدة جيدة طويلة أولها :
أمن المنون وريبها تتوجع |
|
والدهر ليس بمعتب من يجزع |