أحدهما أن يكون المراد أن قاتلها طولب بالحجة في قتلها وسئل عن سبب قتله لها وبأي ذنب قتلها وذلك على سبيل التوبيخ والتعنيف وإقامة الحجة.
فالقتلة هاهنا هم المسئولون على الحقيقة لا المقتولة مسئول عنها.
ومثله قوله تعالى :
(وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً) الأسراء : ٣٤
أي مطالبا به ومسئولا عنه.
والوجه الآخر أن يكون السؤال توجه إلى الموءودة على الحقيقة توبيخا لقاتلها وتقريعا له على أنه لا حجة له في قتلها.
ويجري هذا مجرى قوله تعالى لعيسى عليه السلام :
(أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) على طريق التوبيخ لقومه وإقامة الحجة عليهم.
فإن قيل على هذا الوجه كيف يخاطب ويسأل من لا عقل له ولا فهم؟
فالجواب أن في الناس من زعم أن الغرض بهذا القول إذا كان تبكيه القائل وتهجينه وإدخال الغم عليه في ذلك الموقف على طريق العقاب لم يمتنع أن يقع وإن لم يكن من الموءودة فهم لأن الخطاب وإن توجه إليها فالغرض في الحقيقة به غيرها.
وهذا يجري مجرى رجل ضرب ضارب طفلا له من ولده فأقبل الرجل على ولده يقول له لم ضربت وما ذنبك وبأي شيء استحل هذا منك وغرضه تبكيت الظالم لا خطاب الطفل.
وفي الناس من قال :
إن توجه السؤال إلى الموءودة وإن كان الغرض فيه تبكيت القاتل فإنه لا يكون إلا والموءودة قد أكملت لها العقل وجعلت على أفضل الهيئات لأنها في القيامة تعوض عما نالها بالنعيم الدائم فلا بد من إكمال عقولها لتعرف عدل الله