إن أراد منّا المولى أن نشتغل بالاثنين معا ، فهذا غير معقول للتضاد المفروض بينهما.
وإن أراد منّا أن ننصرف عنه إلى الأول فهذا خلف فرض كونه لا يقل أهمية عنه ، فيكون الاشتغال بغيره ترجيحا بلا مرجح في نظر المولى. إذن فثبوت الوجوب في حال الاشتغال بالضد المساوي أو الأهم ، غير معقول.
فإذا تمّ هذا البرهان ، حينئذ ، إن فرض أنّ «الصلاة والإزالة» كانتا متساويتين من حيث الملاك ، إذن فهذا القيد اللّبي الثاني مآله إلى عدم الاشتغال بالآخر في كل منهما ، وهذا معناه أنّ القضيتين المشروطتين ترتّبيتين من الطّرفين ، إذن فلما ذا يقع التعارض؟.
وإن فرض أنّ أحدهما كان أهمّ من الآخر ، حينئذ سوف يكون هذا القيد اللّبي الثاني ، وهو عدم الاشتغال بمساو أو أهمّ ، يكون مفاده في طرف الصلاة ، أنّ وجوبها مقيّد بعدم الاشتغال بالإزالة ، وإن كان الأهمّ هو الإزالة يكون مفاد القيد في طرفها أنّ وجوب الإزالة مقيد بعدم الاشتغال بالصلاة.
وبهذا نصل إلى إمكان الترتب من أحد الطرفين ، وقد فرغنا عنه.
أذن فعلى كلا الحالين سواء تساوى الملاكان في الأهميّة ، أو كان أحدهما أهمّ من الآخر ، فإنّه لا يحصل من الخطابين التعارض لإمكان الترتب بينهما على كل حال.
وهذا الكلام وإن كان صحيحا لنفي التعارض بين دليلي «صلّ وأزل» ، لكن قد يناقش فيه فيقال : بأنّ إطلاق خطاب «صلّ وأزل» بنفسه ، يثبت عدم مساواة أحدهما للآخر بالأهميّة. إذ تقييد كل منهما بعدم الاشتغال بالمساوي أو الأهم مطلقا ، يعني : عدم أخذ ترك الآخر بعنوانه قيدا ، وهذا يعني أنّ الآخر بعنوانه ليس أهمّ ولا مساو ، فكأنّ أحدهما يقول : إنّ الآخر ليس بمساو ولا أهم ، وكذلك يقول الآخر. إذن فهذا تكاذب ، إذن فهذا تعارض.