بل نفترض أنّ كلا الطلبين التخييري والكفائي ناشئ من ملاك موجود فيه ، وليس إلزاميا ، وإن كان قريبا منه.
غايته أنّ تجمّع التفويتات قد تستبطن الاستهانة والاستخفاف بالمولى ، مما يوجب أذيّته ، فلا يرخص بترك أحدهما ، إلّا مشروطا بفعل الآخر.
وأمّا بناء على المسلك الصحيح والمشهور ، من أنّ الوجوب والاستحباب مجعولان للشارع ، فإنّ الطلبين المجعولين على المكلّفين بعد فرض كونهما وجوديّين ، فلا محالة يقع تناقض بين كونهما مطلقين لعدد المكلّفين ، إذن فلا يجوز الترخيص فيهما وبين الترخيص لبعضهم مشروطا إذن فلا يجوز الترخيص فيهما. إذن فلا بدّ من تضييق دائرة الوجوبات ، حيث يرجع إلى الصيغة الأولى.
أو فقل : إنّه بعد فرض كون الطلبين المجعولين على المكلّفين وجوديّين ، فإن كانا مطلقين ، فلا يعقل الترخيص فيهما ، وإن كانا مقيّدين ومشروطين ، فكذلك لا يعقل الترخيص فيهما ، إذن فيرجع إلى الصيغة الأولى.
ـ الصيغة الرابعة ، هي : أن يكون مرجع الوجوب الكفائي إلى المنع عن بعض أنحاء العدم ، فالمولى يمنع كل مكلّف عن بعض أنحاء العدم الجمعيّ ، أي : إنّه يمنعه أن يترك ، منضما في تركه إلى ترك الآخرين ، لا مطلق الترك ، فهنا أحكام ليس مرجعها إلى الأمر والنهي ، بل مرجعها إلى بعض حصص العدم.
وهذه صياغة تشريعيّة معقولة لإيجاب الفعل ، يعني : لو افترض ملاكات متعددة مزاحمة لمصلحة التسهيل والإرفاق ، أو إنها فيها قصور ذاتي ، فإنّه ـ بناء على مسلك المشهور ، من كون الوجوب والإلزام مجعولا مولويّا ـ حينئذ يصوغ المولى تشريعه بهذا النحو بحيث لا يرد عليه ، أنّه إن كانا مطلقين يلزم عدم الترخيص فيهما ، وإن كانا مقيّدين مشروطين فلا