الأول : هو فارق الانحلالية.
والثاني : فارق في طريقة امتثال كل من الأمر والنّهي.
ولا ينبغي أن نجعل أحد الفارقين ملاكا للآخر ، حينئذ نسأل : هل صحيح أنّ الأمر والنّهي يختلفان في كيفية الامتثال؟ أم إنّهما يختلفان في شيء آخر؟.
وقد استشكل المحققون المتأخرون عن صاحب (الكفاية) في هذا الفارق وأنكروه ، وقد تعرضنا في بحث المرة والتكرار لهذه المسألة ولاعتراضات المتأخرين ، وأجبنا عنها مفصلا ، وأثبتنا صحة ما ذهب إليه المشهور في حلّها.
وملخّص ما أجبنا به عن هذه المشكلة في بحث المرة والتكرار هو :
إننا إذا لاحظنا الوجود الخارجي للكلّي الطبيعي ، فهناك نظريتان في تصوير وجوده في الخارج :
١ ـ النظرية الأولى ، وهي : الصحيحة والمشهور ، وهي إنّ الكلّي الطّبيعي موجود بوجودات كثيرة ، ولهذا قالوا : إنّ نسبة الكلي الطبيعي إلى أفراده الخارجية ، هي نسبة الآباء إلى الأبناء ، وفي مقابل كل وجود من هذه الوجودات عدم.
٢ ـ النظرية الثانية ، كما ينقلها ابن سينا (١) عن رجل همداني فيلسوف ، هي : إنّ الكلّي الطبيعي له وجود واحد عددي ، وهذا الوجود الواحد العددي يوجد مع أول فرد ، ثمّ تعرض عليه جميع العوارض العارضة
__________________
(١) رسالة في الكلي الطبيعي : ابن سينا ـ ج ١ ط ١ ص ٦٧.
منظومة السبزواري ـ تعليق الآملي : ص ١٤٦ ـ ١٤٧ ـ ١٤٨ ـ ١٤٩.
الأسعار ـ الشيرازي ـ المقولة الثالثة : ج ٢ ص ٢٧٢ ـ ٢٧٣.
الشفاء ـ إلهيات ـ ابن سينا ـ المقالة السابعة ـ الفصل الثاني ص ٣١٤ ـ ٣١٥.