على بقية الأفراد ، ويعبّر عن هذا الكلّي الطبيعي ، بأنّ نسبته إلى الأفراد نسبة الأب الواحد إلى أبنائه ، بخلاف الأول ، فإنّه في الكلي الهمداني ، كل حالة للفرد هي حالة لأبيه الكلّي الطبيعي.
وهنا على مستوى البحث الفلسفي يقال : بأنّ الإتجاه الأول هو الصحيح والثاني خطأ.
وعلى مستوى البحث الأصولي : فقد ربط البحث الأصولي بالبحث الفلسفي ، فقيل : بأنّ الكلي الطبيعي إن كان وجوده على طريقة الفيلسوف الهمداني ، فحينئذ ، التفرقة بين كيفية امتثال الأمر والنّهي ، تكون صحيحة كما تقدّم في كلام المشهور من أنّ الكلي الطبيعي يوجد بفرد واحد ، ولا ينعدم إلّا بانعدام تمام أفراده ، لأنّ وجود الكلّي الطبيعي في كل فرد محفوظ في ضمن ذلك الفرد فقط ، ولا يعدم إلّا بانعدام ذلك الفرد. فالوجودات العديدة للطبيعة يقابلها أعدام عديدة ، فإذا تعلق الأمر بوجود واحد ، فإنّ النّهي يتعلق بعدم واحد من تلك الأعدام ، وحينئذ لا يبقى معنى لكلام المشهور.
وأمّا إذا كان وجود الكلّي على النحو الأول المشهور ، وهو الوجودات المتعددة ؛ وأنّ وجود كل فرد ناقض لعدم الكلي الطبيعي في ضمن ذلك الفرد ، فإنّه حينئذ لا نتصور أن تكون الطبيعة محفوظة في فرد واحد ، ولا تنعدم إلّا بانعدام جميع الأفراد ، إذ تقدم وقلنا : إنّ وجود الكلّي الطبيعي وإن كان في أفراد متعددة ، إلّا أنّها مقابلة بأعدام متعددة بعددها.
والخلاصة ، هي : إنّ نسبة الكلّي الطبيعي إلى أفراده الخارجية ، هي نسبة الآباء إلى الأبناء ، وفي قبال كل وجود منها عدم ، كما هو المسلك الصحيح والمشهور.
وفي مقابل ذلك ، مسلك الفيلسوف الهمداني ، من أنّ نسبة الكلي الطبيعي إلى أفراده نسبة الأب الواحد إلى أبنائه فما يصيب أحدهم يصيبه ، وما يطرأ على الفرد من أفراده يطرأ عليه.