وإن كان العنوانان من الثانية ، فلا يوجب تعدّد العنوان لتعدد المعنون ، حتى ولو كانا عامّين من وجه.
وعليه ، فما ذكره المحقق النائيني «قده» من البرهان على مدّعاه غير تام ، إذ لا يلزم أن يكون منشأ العنوان الانتزاعي ماهيّة واحدة ، إذ قد ينتزع في مورد الاجتماع من ماهيّة ، وينتزع في مورد الافتراق من ماهيّة أخرى.
هذا زبدة مسالك هؤلاء الأعلام في مقام تطبيق القاعدة الكليّة التي اتفقوا عليها ، وهي كون الميزان في دفع غائلة الاجتماع تعدد الوجود الخارجي وعدمه ، وإن كانوا قد اختلفوا في تطبيقها ، كما عرفت.
وقبل أن نتعرض لما ذكروه من التطبيقات وبراهينها ، نتكلم الآن في أصل الدعوى والقاعدة التي اتفقوا عليها ، وهي كون الأحكام متعلقة بالصور والعناوين الذهنية بما هي فانية في معنوناتها الخارجية ، حيث يكون الحكم بحسب الحقيقة متعلّقا بالخارج ، ومعه لا بدّ من تعدّد الخارج كي يصح الاجتماع.
وحينئذ نقول : إنّ هذه القاعدة الكلية غير تامة ، وتوضيح ذلك ، هو : إنّ الأحكام وإن كان صحيحا أنّها تتعلق بالعناوين بما هي فانية في معنوناتها الخارجية ، لا بما هي هي ، وعلى نحو المعنى الاسمي ، إلّا أنّه ليس معنى ذلك أنّ الحكم يسري حقيقة إلى المعنون الخارجي ، فإنّ هذا السريان مستحيل سواء قيل بأنه سريان تلقائي للحكم من الصورة الذهنية إلى المعنون الخارجي ، أو قيل بأنه سريان حيث تكون العناوين الذهنية وسيلة وسببا في إدراك المولى للمعنونات الخارجية فيلقي عليها الحكم.
أمّا بطلان الأول : فلما تقدم من الأدلة على استحالة تقوّم الحكم بالوجود الخارجي.
وأمّا بطلان الثاني : فلأنّ الصورة الذهنية لا يمكن أن تحضر نفس الخارج لدى المولى الإنسان الذي تصور هذه الصورة ، لأنّ الإدراك لا