ومن هنا ندخل في المقام الثالث من التنبيه الخامس من تنبيهات اجتماع الأمر والنهي ، حيث سئل هناك ، إنّه :
هل يشترط في موضوع مسألة اجتماع الأمر والنهي ، فرض ثبوت الملاكين في المجمع ، أو إنّه لا يشترط ذلك.
وقد تقدم الكلام في مقامين في ذلك ، وهذا هو المقام الثالث :
٣ ـ المقام الثالث ، من التنبيه الخامس : يقال فيه انه بعد وضوح الفرق بين التزاحمين ، وبعد فرض إمكان التزاحم الملاكي ، وأنّ المجمع واجد للملاكين بتقريب من التقريبات المتقدمة ، يقع الكلام في أنّه هل يطبّق على هذا التزاحم الملاكي ، أحكام التزاحم الحقيقي المتقدمة في بحث الضد ، أو إنّه يطبّق عليه أحكام باب التعارض؟
وقد كانت مرجحات باب التزاحم الحقيقي ، عبارة عن تقديم الأهم على المهم ، وتقديم المشروط بالقدرة العقلية على المشروط بالقدرة الشرعية ، وتقديم ما ليس له بدل ، على ما له بدل.
وهذا التساؤل وعدم الجزم بتطبيق أحكام باب التزاحم الحقيقي عليه إنما هو للفوارق المهمة بين هذا التزاحم ، وذاك التزاحم الحقيقي. وبعد استعراض هذه الفوارق ننظر ، في أنه هل يجري ويطبق شيء منها على التزاحم الملاكي ، إذا أحرز شيء منها في أحد الملاكين دون الآخر ، أم لا؟ وهذه الفوارق ثلاثة :
١ ـ الفارق الأول : هو إنّه في التزاحم الحقيقي ، لم يكن تناف بين نفس الجعلين ، وإنما التنافي بين فعليّة الجعلين معا كما عرفت ، وذلك لأنّ كلا من الجعلين جعل على نحو القضية الحقيقية ، «كصلّ ولا تغصب» ، ولا تنافي بين نفس هذين الجعلين كما هو واضح ، نعم هناك تناف بين فعليتهما.
وأمّا التزاحم الملاكي : فإنّ التنافي فيه بين نفس الجعلين ، لأنّهما