الملاكين على قواعد الجمع العرفي ، حيث أنّ إحراز الملاكين في المجمع ، وإحراز أقوائيّة أحدهما على الآخر ، هو بنفسه يمهّد لجمع عرفي بين الدليلين ، وهو حمل دليل الحكم ذي الملاك الأقوى ، على إفادة الحكم الفعلي ، ودليل الحكم الآخر ، على إفادة الحكم الاقتضائي الشأني.
وهذا الكلام فيه نظر ، لأنّ إحراز الملاك ، إمّا أن يكون مستفادا من خارج الدليلين ، أو من إطلاق نفس الدليل.
فإن كان الملاك محرزا من خارج الدليلين ، فلا يكون أيّ معنى للجمع العرفي ، لأنّه فرع التعارض ، وهنا لا تعارض ، لأنّنا نعلم تفصيلا بكذب غير معلوم الأهميّة وعليه : فلا وجه للجمع العرفي.
وإن كان الملاك محرزا من إطلاق نفس الدليل بواسطة الدلالة الالتزاميّة مثلا ، فهذا له صورتان :
الصورة الأولى ، هي : أن يفرض كون التعارض بين الدليلين بنحو العموم من وجه كما في «أكرم الهاشمي» و «لا تكرم الفاسق» ويفرض تعارضهما في هاشمي فاسق ، ويفرض أيضا أن علمنا من الخارج بأنّه متى ما ثبت ملاك الوجوب فهو أقوى.
وفي مثله كما يمكن الجمع بما ذكره صاحب «الكفاية» (١) من حمل «أكرم الهاشمي» على الفعلية ، وحمل «لا تكرم الفاسق» على الشأنيّة ، كذلك يمكن الجمع بتقييد الهاشمي بغير الفاسق ، أو تقييد الفاسق بغير الهاشمي. وليس أحد هذه التصرفات أقرب إلى الفهم العرفي من الآخر ومعه فلا يتم ما ذكره الآخوند «قده».
وإن شئت قلت : إنّه اتضح ممّا تقدم ، أنّه إذا كان الملاك الأرجح مستفادا من خارج الدليلين ، سقط دليل الحكم المرجوح عن الحجية في
__________________
(١) المصدر السابق.