وإن لم يكن بينهما تعارض بمدلوليهما الالتزاميّين. وحينئذ ، فتسري هذه المعارض إلى السند ، فيعمل بالمرجحات السندية ، فإذا قدم أحدهما على الآخر سندا ، فيكون ذلك مساويا لسقوط الآخر ، وحينئذ فإن كان ملاكه محرزا بالدلالة الالتزامية ، فيسقط هذا الملاك بسقوط أصل الدليل ، وإن فرض أنّ ملاكه كان محرزا من الخارج ، فسوف يبقى الملاك ، إلّا أنّه يسقط عن الحجيّة.
والخلاصة ، هي : إنّه في هذه الصورة التي يثبت الملاك فيها بنفس دليل الحكم ، يقع التعارض بينهما لا محالة ، لأنّ دليل الحكم الآخر سوف يدل بالالتزام على نفي أصل ملاك الحكم الأول ، ولو فرض العلم من الخارج بأنّه لو كان ثابتا لكان أرجح.
وهذا يعني وقوع التعارض بين الدليلين في إثبات الملاك أيضا.
ولصاحب الكفاية «قده» عبارة في المقام ، حاصلها : إنّه في مثل ذلك يرجع إلى المرجحات الدلاليّة ، أي : الجمع العرفي ، والمرجحات السندية ، فإذا قدّم أحدهما على الآخر بمرجح دلالي أو سندي ، فيكشف ذلك بطريق الإنّ الأرسطيّ عن أقوائيّة الحكم الآخر مناطا.
وقد فسّرت هذه العبارة بتفاسير عديدة ، أصحّها أن يقال : بأنّ مقصوده ، أنّه بعد ترجيح أحد الدليلين ، فيكون الدليل المرجّح دالا بالمطابقة على فعلية الحكم الدال عليه ، وبالالتزام على أقوائية هذا الحكم ، لأنّه لو لم يكن أقوى لما كان فعليا في صورة المعارضة ، فإذا ثبتت فعليته تثبت أهميّته.
وإن شئت قلت : إنّ ظاهر مقصوده هو ، استكشاف ذلك ، بعد فرض إحراز فعليّة الملاكين في مورد الاجتماع ، فإنّه حينئذ ، لو ثبت ترجيح أحد الحكمين ، ثبت بالدلالة الالتزاميّة أقوائيّة ملاكه.
وليس المقصود ، دلالة قوة الكشف والدلالة في أحد الدليلين على قوة