ودفع السيد الخوئي لإشكال الميرزا «قده» غير تام كما عرفت ، لأنّ الأمر بالصوم يوم عاشوراء ، ككل أمر ترتّبي ، في مقام التزاحم ، لا بدّ وأن يكون مشروطا بترك الاشتغال بالأهم ، أو المساوي ، وهو في المقام ترك الصوم ، الذي هو فعل الصوم.
إذن فيرجع هنا ، الأمر بالصوم ، إلى الأمر بقصد القربة على تقدير الصوم.
وهذا غير معقول ، لأنّ الأمر بشيء يستحيل أن يكون محركا نحو متعلقه ، مشروطا بتحقق متعلقه ، إذ لا يراد بقصد القربة إلّا محركية الأمر وداعويته ، وفي طول وقوع الشيء خارجا ، لا يعقل داعويّة الأمر نحوه.
وقد عرفت أنّ مقصود صاحب الكفاية من التزاحم في المقام ، إنما هو التزاحم الملاكي ، لا التزاحم الامتثالي ، والأمر الترتبي.
وحيث أنّ التزاحم الملاكي يقتضي ثبوت الملاك الأقوى ، وهو هنا ملاك الأمر ، وإن سقط خطابه ، وهذا لا يستلزم إلّا جعلا واحدا على طبق هذا الملاك. حينئذ أراد صاحب الكفاية «قده» تصحيح العبادة المكروهة على أساس ذلك ، حيث جعل الحكم على طبق ملاك الترك الذي هو أقوى ، وبقي ملاك الفعل محفوظا في نفسه ، وحينئذ يمكن التقرب بالفعل بواسطة ملاكه.
وعليه : فلا يوجد هنا جعلان كي يرد إشكال الميرزا «قده».
ثم إنّه قد يورد على ما ذكره في الكفاية ، بأنه حتى لو فرض أنّ التزاحم بين فعل صوم يوم عاشوراء وتركه ، كان تزاحما ملاكيا ، فلا يمكن الحكم بصحة الصوم من باب التقرب بملاكه ، وذلك لأنّه بناء على أنّ الأمر بشيء يقتضي النّهي عن ضده العام ، سوف يكون الأمر المتعلق بترك هذا الصوم مقتضيا للنّهي عن هذا الصوم ، وهذا يوجب مبغوضيته ، ومعه يستحيل وقوعه عباديا.