وبهذا يبدو الفرق بين التزاحم الملاكي ، بين ملاكي النقيضين ، كما في محل الكلام ، وبين التزاحم الملاكي بين ملاكي الضدّين كما في الإزالة والصلاة ، حيث أنّ هذا الإشكال لا يرد باعتبار أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النّهي عن ضده الخاص ، وهو محل كلام. إلّا أنّ هذا الإشكال غير صحيح ، ويجاب عنه بعدة أجوبة :
١ ـ الجواب الأول : إنّ مثل هذا النّهي عن الصوم الذي اقتضاه الأمر بالصوم ، إنّما هو نهي غيريّ ، وهو لا يوجب البطلان ، كما حقّق في محله.
٢ ـ الجواب الثاني ، هو : إنّ المصلحة الاستحبابية الغالية ، لم تكن متعلقة بالترك بعنوانه ، بل هي متعلقة بعنوان منطبق على الترك ، كما فرض صاحب الكفاية «قده» في كلامه.
وبذلك يندفع الإشكال ، لأنّ الأمر يكون متعلقا بذلك العنوان المطبق على الترك ، ولنفرضه عنوان مخالفة بني أميّة ، باعتبار أنّ بني أميّة صاموا يوم عاشوراء فرحا ، وحينئذ فمثل هذا الأمر يستدعي النّهي عن نقيض هذا العنوان وهو عدم مخالفة بني أميّة.
وبذلك يثبت أنّه لا نهي عن نفس الصوم.
وعليه فهذا الإشكال لا يرد على صاحب الكفاية «قده»
هو أن يقال : إنّ الإتيان بصوم عاشوراء ، بداع إلهي ، هو أمر غير معقول ، لأنّ معنى الإتيان بالفعل كذلك ، هو إنّ الله تعالى هو الدافع إلى ترجيح الفعل على الترك ، وفي مثله يمكن التقرب بالفعل.
إلّا أنّ المفروض في مقامنا ، أنّ ترك صوم عاشوراء أفضل من صومه.
ومعه لا يعقل أن يكون الله تعالى داعيا إلى ترجيح فعله على تركه.
ومن هنا لا يمكن الإتيان بالصوم بداع إلهي ، إذن فما ذكره صاحب الكفاية «قده» من أنّه يتقرب بصوم عاشوراء بواسطة ملاكه ، غير صحيح.