تارة يدل دليل الخطاب ولسانه على أنّ القدرة المأخوذة في الخطاب شرعيّة ، كما لو قال المولى : «صلّ إن لم يوجد أمر بالخلاف» ، فهذا الدليل يستنتج منه أنّ القدرة المأخوذة في الصلاة شرعية بالمعنى الثالث للقدرة الشرعية ، كما تقدّم ، لأنّ طبع التكليف لا يستدعي عقلا عدم وجود أمر بالخلاف ، فتقييد المولى لخطاب «صلّ» ، بعدم وجود أمر بالخلاف ، ليس له أيّ وجه إلّا دخالة ذلك التقييد في ملاكه ، وهذا معنى القدرة الشرعية ، وحينئذ فإذا لم يكن مثل هذا القيد مأخوذا في خطاب «أزل» فلا تكون القدرة المأخوذة فيه شرعيّة ، بل تكون عقلية فيكون هذا من الصورة الأولى لأنّا علمنا أنّ القدرة في خطاب «أزل» عقلية ، وفي خطاب «صلّ» شرعية ، وحينئذ فيقدم خطاب «أزل» على خطاب «صلّ».
وتارة أخرى ، يفرض أنّ القدرة الشرعية لم تؤخذ في خطاب «صلّ» بالمعنى الذي تقدم ، فهنا صورتان :
١ ـ الصورة الأولى هي : أن يفرض أنّ القيد اللبّي ، وهو عدم الاشتغال بالضد الواجب المساوي أو الأهم ، قد أخذ في لسان الشارع في أحد الخطابين دون الآخر.
٢ ـ الصورة الثانية هي : أن يفرض أنّه لم يؤخذ هذا القيد في لسان الشارع في كلا الخطابين ، أو أنّه أخذ فيهما على نحو واحد.
وفي هذه الصورة الثانية لا يمكن تطبيق هذا المرجح ، لأنّ كلا الخطابين على نحو واحد.
وأمّا في الصورة الأولى ، وهي ما لو أخذ هذا القيد في أحد الخطابين دون الآخر ، كما لو فرض أن أخذ في خطاب «صلّ» دون خطاب «أزل». فهنا ، يمكن أن يقال : بأنّ هذا يصير من الصورة الأولى السابقة ، وهي ما لو علمنا بأنّ أحد الخطابين مقيّد بالقدرة الشرعية ، والخطاب الثاني مقيّد بالقدرة العقلية ، باعتبار أنّ خطاب «صلّ» الذي فرض تقييده بهذا القيد ، تكون القدرة فيه شرعية.