محرم ، كبيع المصحف من الكافر ، وحينئذ ففي هذه الحالة لا بد وأن يحافظ الشارع على جنبة المصلحة التي يفرض كونها أهم ، وعلى جنبة المفسدة أيضا ، وهذه المحافظة تتحقق بأن يجعل البيع ويمضيه على نحو القضية الحقيقية ، على نحو يشمل المسبب المحرم ، حفاظا على جانب المصلحة ، وبأن يحرم وينهى عن الإيجاد التسبيبي لانتقال المصحف إلى الكافر ، تخلصا من المفسدة ، وبذلك يكون قد حافظ على جنبة المصلحة والمفسدة.
وبهذا يثبت أنّه لا تهافت بين إمضاء السبب والنهي عن مسببه.
وإن شئت قلت : إنّه يمكن أن يفترض أنّ المبغوض للشارع ليس مطلق السبب ، بل هو صرف وجوده بنحو لا ينحل إلى كل فرد فرد ، وذلك كما إذا فرض أنّ عدم وقوع طبيعي المسبب في الخارج الأعم من الشرعي والعقلائي ، هو المحبوب للشارع. وهذا لا ينافي أن يمضي الشارع السببية ، وذلك أن يثبت المسبب عند ثبوت السبب ، فإنّه مع ثبوت المسبب العقلائي خارجا ، يثبت طبيعي المسبب ، ولو في ضمن المسبب العقلائي ، وبعد وقوع طبيعي المسبب ، لا يكون وقوع فرد ثان منه ، وهو المسبب الشرعي مبغوضا ، إذ بإمكان الشارع أن يجعل السببية ، ولكن ينهى عن المسبب كي لا يوجد السبب ، فلا يقع طبيعي المسبب خارجا ، ولو في ضمن المسبب العقلائي.
٢ ـ الوجه الثاني ، هو : ما أفاده الميرزا النائيني «قده» (١) ، وحاصله هو : إنّ صحة المعاملة ، كالبيع مثلا ، تتوقف على تماميّة ثلاثة أركان :
أ ـ الركن الأول ، هو : أن يكون البائع مالكا ، أو موكلا بالبيع ، أو وليا.
__________________
(١) فوائد الأصول ـ الكاظمي : ج ١ ص ٢٩٢. أجود التقريرات ـ الخوئي : ج ٢ ص ٤٠٤.