وقد استدلّ على اتفاقهم هذا ، بأنّهم يتفقون في باب المطلق والمقيّد على حمل المطلق على المقيّد فيما لو علم وحدة الحكم المجعول في كلا الدليلين ، وليس معنى هذا ، إلّا كون القيد والوصف علة منحصرة للحكم ، وإلّا فلو فرض احتمال وجود علة أخرى للحكم لاحتمل ثبوت الحكم مع انتفاء القيد ، وحينئذ لا يكون هناك وجه لحمل المطلق على المقيد ، بل لا بدّ وأن يؤخذ بالمطلق والمقيّد معا.
وما ذكره «قده» غير تام ، لأنّ اتفاقهم على حمل المطلق على المقيّد ، يكشف عن اتفاقهم على ان شخص الحكم ينتفي بانتفاء شرطه أو وصفه ، وهذا يعني ، انّ الشرط أو الوصف علة تامة منحصرة بالنسبة لشخص الحكم المعلّق عليهما.
وهذا لا خلاف فيه ، وبهذا يثبت اتفاق العلماء على دلالة القضيّة الوصفيّة على انّ الوصف علة تامة منحصرة بالنسبة لشخص الحكم المعلّق على الوصف.
إلّا انّ هذا لا يكشف عن اتفاقهم ، بأنّ القضيّة الوصفيّة تدل على كون الوصف علة تامة منحصرة بالنسبة إلى طبيعي الحكم ، لو كان المعلّق على الوصف هو طبيعي الحكم.
وذلك لأنّ البرهان الذي يثبت به العليّة التامة الانحصاريّة للوصف إنما هو بالإضافة لشخص الحكم ـ إذا فرض انّ المعلّق عليه هو شخص الحكم.
ولكن هذا البرهان لا يثبت العليّة التامة الانحصاريّة للوصف بالنسبة إلى طبيعي الحكم.
وتوضيح ذلك ، يتوقف على ذكر هذا البرهان ، وحاصله : هو انّ تشخّص كل حكم ، يكون بجعله ، ومن الواضح ، انّ كلّ جعل له موضوع واحد يجعل الحكم على أساسه ، ولا يعقل أن يكون له موضوعان عرضيّان.
نعم يمكن أنّ يكون الحكم متقوّما بموضوعين ، لكن على سبيل البدل.