ثم إنّا ذكرنا في التنبيه الخامس ، انّ عدم ثبوت المفهوم لقولنا ، «أكرم زيدا عند مجيئه» ، باعتبار اختلال الركن الثاني ، ونضيف هنا فنقول ، انّ الركن الأول غير موجود أيضا. لأنّ الركن الأول ، عبارة عن دلالة الجملة الشرطيّة على النسبة التوقفيّة ، وهذا متوفر في الجملة الشرطيّة ، لقيام الوجدان على انّ أداة الشرط ، دالة على النسبة التوقفيّة.
إلّا انّ هذا الوجدان غير موجود بالنسبة لكلمة ، «عند مجيئه» ، ومعه ، يختل الركن الأول ، مضافا إلى اختلال الركن الثاني.
وخلاصة هذا التنبيه : هو انّه إذا ورد قيد على هيئة الأمر ، لكن لا بلسان الجملة الشرطيّة ، كما في قولنا ، «اكرم زيدا عند مجيئه» ، فإنّه في مثله ، لم يدّع أحد ممّن يقول بمفهوم الشرط ، بثبوت المفهوم لمثل هذه الجملة في مقام التطبيقات الفقهية ، والوجدان العرفي قاض بما تسالموا عليه.
وإنّما الكلام في كيفية تخريج الفرق بين هذا ، وبين ما إذا وقع نفس القيد في سياق الشرط ، كما في قوله ، «إذا جاء زيد فاكرمه».
وكلّ دليل أريد به إثبات مفهوم الشرط ، ولم يكن متضمّنا لإبراز الفرق بين هاتين الجملتين ، يكون بنفسه نقضا على صاحب هذا الدليل ، كما حدث مع الميرزا «قده».
وتوضيح الفرق بين هاتين الجملتين ، هو أن يقال : انّ ثبوت المفهوم للجملة الشرطيّة كما تقدم ، يتوقف على إثبات انّ المعلّق هو طبيعيّ الحكم لا شخصه.
وطريقة إثبات ذلك ، هو إجراء مقدمات الحكمة فيه ، وإجراء مقدمات الحكمة في مفاد الجزاء ، يتوقّف على أن لا يكون المدلول التصديقي في الجملة الشرطيّة بإزاء جملة الجزاء ، لكي يبقى مفادها مدلولا تصوريا محضا صالحا للإطلاق والتقييد ، باعتبار وقوعه طرفا للمدلول التصديقي الذي هو التعليق ، وهذا يتوقف على أن تكون النسبة الربطيّة نسبة تامة يعقل أن يقع بإزائها مدلول تصديقي ، كما هو الحال كذلك ، في الربط بين النسبة الحكميّة