هذه الحالة ، إمّا انّه يجب عليه التمام ، وإمّا انّه يجب عليه القصر ، فأصالة البراءة حينئذ في كل منهما ، تكون معارضة بأصالة البراءة في الآخر.
وإن كان هذا الأصل ، عبارة عن الاستصحاب ، أي استصحاب وجوب التمام؟
ففيه : انّ هذا الاستصحاب تعليقي في كثير من الأحيان ، وذلك لأنّه إذا سافر قبل الوقت ، فإنّه في هذه الحالة ، لم يكن التمام واجبا عليه ليستصحبه بعد ذلك ، إلّا على نحو التعليق ، حيث يقال حينئذ ، انّه على تقدير دخول الوقت ، كان التمام واجبا عليه ، فيستصحب حينئذ.
إلّا انّ المفروض انّ الميرزا «قده» لا يقول بالاستصحاب التعليقي.
هذا كله ، لو كان نظره «قده» إلى خصوص هذه المسألة بالذات.
وإن شئت قلت : انّه لو فرض عدم وجود عموم فوقاني ، فإنّه مع ذلك ، لا تجري أصالة البراءة ، لأنّه إن أريد به ، أصالة البراءة عن وجوب القصر ، فإنّ وجوب القصر ، طرف لعلم إجمالي آخر ، وإن أريد به استصحاب بقاء وجوب التمام ، فهذا أصل تعليقي في أكثر الأحيان ، حيث لا يكون الوجوب فيها فعليا قبل بلوغ حد الترخص. هذا كلّه لو كان نظره إلى خصوص هذه المسألة بالذات.
وأما إذا كان نظره إلى قاعدة كليّة ، فحينئذ ينبغي التفصيل بين ما إذا كان الجزاء حكما إلزاميا ، وبين ما إذا كان حكما ترخيصيا.
فإن كان الجزاء حكما إلزاميا ، فإنّه يتم ما ذكره ، لأنّه إذا وجد أحد الشرطين دون الآخر ، يشك في هذا الحكم الإلزامي ، حينئذ ، فتجري عنه أصالة البراءة ، فيكون ذلك موافقا للتقييد «بالواو» ، لأنّ مقتضى ذلك ، انّه لا يثبت هذا الحكم إلّا إذا وجد كلا الشرطين.
وإن كان الحكم ترخيصيا ، فحينئذ ، تكون أصالة البراءة على وفقه ، وعلى أي حال ، فالأصل يختلف باختلاف ملابسات المسألة. فلا ضابط كلي في المقام ينطبق على مسألتنا.