وقد اعترض السيد الخوئي (١) «قده» على ذلك ، مبتدئا بمقدمة لاعتراضه ، حاصلها :
ان هناك قانونا عاما في باب التعارض لا بدّ من مراعاته ، وهو انّه لو وجد عندنا دليلان متعارضان ، وكان هناك دليل ثالث ليس طرفا للمعارضة ، إلا انّ رفع اليد عن الدليل الثالث ، يوجب رفع التعارض بين الدليلين الأولين ، ففي مثل ذلك ، لا يجوز رفع اليد عن الثالث ، بل يتعين العمل به ، لأنّه يجب العمل بظهور كل دليل ما لم يكن له معارض مساو له أو أقوى ، فمجرد كون رفع اليد عن الثالث يوجب رفع المعارضة بين الدليلين الأولين ، لا يسوّغ رفع اليد عن الدليل الثالث ، بل لا بدّ من العمل به ، وحينئذ تقع المعارضة بين الأولين ، ويرجع فيهما إلى قوانين باب التعارض.
ومثال ذلك : ما لو ورد ، «أكرم كلّ فقير» ، ثم ورد ، «لا يجب إكرام فساق الفقراء» ، فحينئذ ، يقع التعارض بين هذين الدليلين ، وعندنا دليل ثالث ، وهو ظهور صيغة افعل في الوجوب ، فلو رفعنا اليد عن هذا الثالث لارتفعت المعارضة بين الدليلين الأولين ، لأنّ قوله ، «أكرم كل فقير» ، ينشئ الاستحباب ، وقوله «لا تكرم فسّاق الفقراء» ينفي الوجوب ، ولا تعارض بينهما.
لكن لو عملنا بالدليل الثالث ، لوقعت المعارضة ، ففي مثله ، لا بدّ وان نعمل بالدليل الثالث ، ونعامل الدليلين الأولين معاملة المتعارضين.
وفي مثالنا : يقدم قوله ، «لا تكرم فساق الفقراء» ، على قوله «اكرم كل فقير» باعتبار انّ الخاص أقوى من العام.
وبناء على هذه المقدمة ، رتّب السيد الخوئي (٢) «قده» اعتراضه على الميرزا «قده» ، فذكر ، انّ تقييد أيّ واحد من الإطلاقين ، يرفع المعارضة ،
__________________
(١) أجود التقريرات ج ١ ، ص ٤٢٤ ـ ٤٢٥.
(٢) المصدر السابق.