الثالث ، يتنافى صدقه مع صدق مجموع الدليلين الأولين ، بالبرهان المتقدم ، فإنّ صدق الدليلين الأوّلين معا وهما ، «أكرم كلّ فقير» ، و «لا تكرم فسّاق الفقراء» ، يتنافى مع ظهور صيغة «افعل» في الوجوب كما هو واضح ، وعدم رفع اليد عن هذا الدليل الثالث ، لا لما ذكره الخوئي «قده» ، بل لأنّ الجمع العرفي يقتضي العمل بالخاص ، ورفع اليد عن العام ، وهو الدليل الأول.
وحينئذ فصيغة «افعل» ، تبقى على حالها ، إلّا انّه يلتزم بتخصيص الدليل الأول كما هو مقتضى الجمع العرفي.
نعم ، هذا القانون ، له نوع واحد من الأمثلة يمكن وقوعها ، وذلك في مورد لا يكون المدلول الالتزامي للدليلين الأولين حجة ، كما لو ورد ، «أكرم كل فقير» ، ثم ورد نفي الحكم بالإكرام عن زيد ، فقيل ، «لا تكرم زيدا». وإلى هنا لا يعلم انّ خروج زيد من تحت العام كان بنحو التخصيص أو التخصص.
ونحن إذا ضممنا هذين الدليلين إلى بعضهما ، وصدّقنا بهما معا ، فاللازم العقلي لذلك ، هو ان لا يكون زيد فقيرا باعتبار انّ الأول أوجب إكرام كل فقير ، والثاني أخرج زيدا عن وجوب الإكرام.
وعليه ، فيثبت انّ خروج زيد كان بنحو التخصّص.
وهذا ، بخلاف ما عليه المشهور في موارد دوران الأمر بين التخصيص والتخصص ، فانّهم في مثل ذلك ، لا يلتزمون بالتخصص ، وعليه ، فالتخصّص وإن كان لازما عقليا للتصديق بكلا الدليلين ، إلّا انّ هذا التخصّص لا يثبت بهذا التصديق.
وإلى هنا ثبت انّ ضمّ الدليلين الأوّلين إلى بعضهما ، والتصديق بهما ، لا يثبت عدم فقر زيد ، فيكون التصديق بهذا الدليل الثالث ، موجبا لوقوع المعارضة بين الدليلين الأولين بنحو العموم والخصوص من وجه ، لأنّ الأول ، أوجب إكرام كل فقير ، والثاني ، نفى وجوب إكرام زيد الفقير.
وأمّا إذا لم نصدق بالثالث ، فلا معارضة بين الدليلين الأولين ، لأنّ الأول يوجب إكرام كل فقير ، والثاني ينفي وجوب إكرام زيد ، وزيد ليس