وأمّا ما يدل على التداخل فهو : ان هذا الظهور ـ أي الظهور في الحدوث عند الحدوث ـ يقابله ظهوران.
أ ـ الظهور الأول : هو ظهور مادة الجزاء ، في انّ متعلق الحكم ـ أي مادة الأمر ـ هو الإكرام بما هو ، لا بعنوان آخر.
ب ـ الظهور الثاني : هو ظهور إطلاق المادة ، وعدم تقييدها بفرد من الطبيعة ، غير الفرد الذي انطبق عليه الواجب الآخر.
ومقتضى التحفظ على هذين الظهورين هو ، التداخل في الأسباب ، إذ لا يعقل حدوث مطلق وجوبين متعلّقين بطبيعي الإكرام ، وحينئذ ، لا بدّ ، إمّا من تقييد أحدهما بعدم الآخر ، وإمّا افتراض انّ متعلّق أحدهما ليس هو عنوان الإكرام ، بل هو عنوان آخر ينطبق عليه ، كما هو مجمع العنوانين ، أو هو كذلك ، وهذا هو مبنى التداخل في المسببات التي هي المسألة الثانية.
وأمّا كيفيّة علاج التعارض بين هاتين الدلالتين ، فإنه حيث أنّ الأمر يدور بين الظهور الوضعي ، والظهور الحكمي فانه لا بد حينئذ من تقديم الوضعي ، وحيث انّ الظهور في الحدوث عند الحدوث ، والظهور في انّ الإكرام بعنوانه واجب ، هما ظهوران وضعيّان ـ أي من باب أصالة التطابق بين ما يذكر إثباتا ، وما يكون مأخوذا ثبوتا ، بينما الظهور الثالث هو ظهور حكمي ، أي : من باب أصالة التطابق بين ما لم يذكر إثباتا ، وما لم يؤخذ ثبوتا ، فحينئذ يقدّم الظهوران الأولان على الظهور الأخير ، وحينئذ تكون النتيجة هي عدم التداخل ، لا في الأسباب ولا في المسببات.
وهنا ذكر المحقق النائيني (١) «قده» في المقام كلاما متينا ، حاصله : ان لا تقييد أصلا في المادة ، في المرتبة السابقة على عروض مفاد الهيئة ، لأنّ تعدّد الوجوب ، الذي يعني تعدّد النسبة الإرساليّة ، يستلزم بنفسه تعدّد
__________________
(١) أجود التقريرات ـ الخوئي ـ ج ٢ ص ٤٢٩ ـ ٤٣٠ ـ ٤٣١.