نعم يصح جعل وجود القطع نفسه ، لكنه غير جعل الطريقية له ، الذي هو محل الكلام هذا بالنسبة إلى الجعل التكويني واما عدم قابليتها للجعل التشريعي ، فلانه لا يتعلق بما هو متكون بنفسه ، وإلا يكون من اردأ أنحاء تحصيل الحاصل.
واما المقام الثاني : فالأقوال فيه ثلاثة :
١ ـ ان وجوب العمل على وفق القطع ، إنما هو من لوازم ذاته ، اختاره صاحب الكفاية (١) ، حيث قال ، وتأثيره في ذلك لازم وصريح الوجدان به شاهد وحاكم.
٢ ـ ان ذلك إنما يكون بحكم العقل وإلزامه ، اختاره المحقق الخراساني (٢) في التعليقة.
٣ ـ انه إنما يكون ببناء العقلاء اختاره المحقق الأصفهاني (٣).
والحق هو الأول فان العقل بعد القطع بالحكم ، يرى ان مخالفته مناف لذي الرقية ، وخروج عن رسم العبودية ، وهتك لحرمة المولى وظلم عليه ، والعمل على وفقه عمل بوظيفة العبودية ، ولهذا يدرك العقل انه لو عاقبه المولى على
__________________
(١) كفاية الأصول ص ٢٥٨ (الأمر الأول).
(٢) درر الفوائد للآخوند ص ٢٥ قوله : «ان وجوب اتباع القطع عقلا ولزوم العمل على وفقه بما هو كاشف ... بديهي لا يحتاج إلى مزيد بيان ومئونة برهان كما يشهد به الوجدان». ط. وزارة الإرشاد الإسلامي ـ طهران ١٤١٠ ه. ق
(٣) نهاية الدراية ج ٢ ص ٣١.