مخالفته لم يعد قبيحا ، بل يحسن ذلك لعدم منافاته للحكمة.
وبعبارة أخرى : ان العقل كما يدرك استحالة العقاب من الحكيم في صورة عدم العصيان لكونه عقابا بلا بيان ، ومنافيا للحكمة ، كذلك يدرك صحته وإمكانه في صورة العصيان لعدم التنافي بينه وبين الحكمة بل بينهما كمال الملاءمة ، وهذا الدرك العقلاني إنما هو كدرك العقل امتناع اجتماع الأمر والنهي ، أو جوازه.
واستدل المحقق اليزدي (ره) (١) في درره لعدم جعل الحجية للقطع : بأنه لو قلنا باحتياجها إليه لزم التسلسل ، لان الأمر بمتابعة هذا القطع لا يوجب التنجز بوجوده الواقعي ، بل لا بد من العلم ، وهذا العلم أيضاً كالسابق يحتاج في التنجيز إلى الأمر وهكذا.
ولكن يرد عليه ان الأمر الثاني وان كان وصوله مما لا بد منه في تنجيز الأمر الواقعي المعلوم ، إلا انه لا تنجز له حتى يحتاج تنجزه إلى الجعل فانه أمر بداعي تنجز الأمر الأول.
وبعبارة أخرى : ان جعل المنجزية للقطع لا يكون من الأحكام المتعلقة بفعل المكلف حتى يتصور فيه المخالفة فتوجب استحقاق العقاب بل هو من الأحكام الوضعية التي لا مخالفة لها ، وعليه فلا معنى لمنجزيته حتى يحتاج إلى جعل آخر فلا يلزم منه التسلسل ، فالصحيح ما ذكرناه.
واما القول الثاني : فيرده ان شأن القوة العاقلة ، ليس هو البعث
__________________
(١) درر الفوائد للحائري اليزدي ج ٢ ص ٤.