ما يمكن ان يقال كون ذلك احتياطا مستحسنا لا واجبا.
ويرد عليه : أولا : انه لا سبيل إلى انكار لزوم الحكم المذكور بعد اطباق العقلاء عليه في جميع امورهم.
ولذا استدل به المتكلمون على وجوب شكر المنعم ، الذي هو الاساس لوجوب معرفة الله تعالى.
واستدلوا به أيضاً لوجوب النظر إلى معجزة النبي (ص).
وثانيا ان ملاك وجوب دفع الضرر المظنون ، ليس هو التحسين والتقبيح العقليين ، بل ملاكه كون الضرر منافرا للطبع ، والفرار من ما ينافر الطبع مما يستقل به العقل ، وملاك التحسين والتقبيح العقليين ، كون بعض الأفعال على وجه يحسن فاعله ويمدح عليه ، وبعضها الآخر على نحو يقبح عليه ويذم ، ولا ربط لاحدهما بالآخر ولذلك اتفق العقلاء على لزوم دفع الضرر المظنون ، مع خلافهم في استقلاله بالتحسين والتقبيح العقليين.
واما ما أجاب به الشيخ الأعظم (١) من ان تحريم تعريض النفس للمهالك والمضار الدنيوية والاخروية مما دل عليه الكتاب والسنة مثل قوله تعالى (وَلَا تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)(٢) وغيره.
فهو غريب لان ، ما يحذر عن العقوبة الاخروية ، لا يوجب الحكم الشرعي ،
__________________
(١) فرائد الأصول ج ١ ص ١٧٦.
(٢) الآية ١٩٥ من سورة البقرة.