فما احتمله الشيخ الأعظم (١) ، من انه لو ظن بالتكليف ، لا تجري قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، وان العقل لا يستقل بعدم العقاب ، فلا محالة يحتمل العقاب ، فيكون موردا لقاعدة وجوب الدفع.
في غير محله ، إذ الظن الذي لم يثبت حجيته ، لا يكون بيانا من قبل المولى ومع عدم البيان تجرى قاعدة قبح العقاب.
الأمر الثالث : ان تحمل الضرر الدنيوي المقطوع لا دليل على حرمته إلا في موارد خاصة ، كما سيأتي تفصيل القول فيه في مبحث لا ضرر ، وعلى فرض كونه حراما ، لم يدل دليل على حرمة تحمل الضرر المظنون وجوده ، لاصالة البراءة الجارية في الشبهات الموضوعية ، بلا خلاف في غير الموارد الخاصة التي اوجب الشارع فيها الاحتياط تحفظا للملاك الذي لا يرضى الشارع الاقدس بتفويته حتى في مورد الشك ، فمن عدم جعل وجوب الاحتياط وعموم ادلة البراءة يستكشف ان الملاك ليس بمثابة من الاهمية في نظر الشارع بنحو لا يرضى بفوته في فرض الشك ، ومعه لا مورد لقاعدة وجوب الدفع.
إذا عرفت هذه الامور فاعلم ، ان المراد بالضرر في كلام المستدل ان كان
__________________
(١) فرائد الأصول ج ١ ص ٣٦٤ فبعد ان تحدث عن حسن الاحتياط قال : «وحينئذٍ فيحكم الجاهل بما يحكم به عقله فإن التفت إلى قبح العقاب من غير بيان لم يكن عليه بأس في ارتكاب المشتبه ، وإن لم يلتفت إليه واحتمل العقاب كان مجبولا على الالتزام بتركه كمن احتمل أن فيما يريد سلوكه من الطريق سبعا وعلى كل تقدير فلا ينفع قول الأخباريين له إن العقل يحكم بوجوب الاحتياط من باب وجوب دفع الضرر المحتمل ولا قول الأصولي له إن العقل يحكم بنفي البأس مع الاشتباه.